قال القرطبيّ وغيره: ولا يقال إنّ لفظة أفعل قد ترد لإثبات صفة الفضل في إحدى الجهتين كقوله تعالى (أحسن مقيلاً) لأنّا نقول: إنّما يقع ذلك على قلةٍ حيث ترد صيغة أفعل مطلقةً غير مقيّدة بعددٍ معيّنٍ، فإذا قلنا هذا العدد أزيد من هذا بكذا فلا بدّ من وجود أصل العدد.
ولا يقال يُحمل المنفرد على المعذور لأنّ قوله " صلاة الفذّ " صيغة عموم فيشمل من صلَّى منفرداً بعذرٍ وبغير عذر، فحمله على المعذور يحتاج إلى دليل.
وأيضاً ففضل الجماعة حاصل للمعذور لِمَا روى البخاري من حديث أبي موسى مرفوعاً: إذا مرض العبد أو سافر كُتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً.
وأشار ابن عبد البرّ إلى أنّ بعضهم حملَه على صلاة النّافلة، ثمّ ردّه بحديث " أفضل صلاة المرء في بيته إلاَّ المكتوبة "(١).
واستدل بها على تساوي الجماعات في الفضل سواء كثرت الجماعة أم قلَّت، لأنّ الحديث دلَّ على فضيلة الجماعة على المنفرد بغير واسطة فيدخل فيه كلّ جماعة، كذا قال بعض المالكيّة.
وقوّاه بما روى ابن أبي شيبة بإسنادٍ صحيح عن إبراهيم النّخعيّ قال: إذا صلَّى الرّجل مع الرّجل فهما جماعة لهم التّضعيف خمساً وعشرين. انتهى.
(١) أخرجه البخاري (٦٩٨) ومسلم (٧٨١) من حديث زيد بن ثابت - رضي الله عنه -.