للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باللعن، وأن يكون واقد بدأه فلذلك أجابه بالسّبّ المفسّر بالتّأفيف مع الدّفع في صدره، وكأنّ السّرّ في ذلك أنّ بلالاً عارض الخبر برأيه , ولَم يذكر عِلَّة المخالفة، ووافقه واقد , لكن ذكرها بقوله " يتّخذنه دَغَلاً " , وهو بفتح المهملة ثمّ المعجمة , وأصله الشّجر الملتفّ ثمّ استعمل في المخادعة لكون المخادع يلفّ في ضميره أمراً , ويظهر غيره.

وكأنّه قال ذلك لِمَا رأى من فساد بعض النّساء في ذلك الوقت وحمَلَتْه على ذلك الغيرة، وإنّما أنكر عليه ابن عمر لتصريحه بمخالفة الحديث، وإلا فلو قال مثلاً: إنّ الزّمان قد تغيّر , وإنّ بعضهنّ ربّما ظهر منه قصد المسجد وإضمار غيره لكان يظهر أن لا ينكر عليه.

وإلى ذلك أشارت عائشة: لو أدرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أحدث النساء لمنعهنَّ كما مُنعت نساء بنى إسرائيل. قلت لعمرة: أَوَ مُنِعْن؟ قالت: نعم. متفق عليه

وأُخذ من إنكار عبد الله على ولده تأديب المعترض على السّنن برأيه، وعلى العالم بهواه، وتأديب الرّجل ولده وإن كان كبيراً إذا تكلم بما لا ينبغي له.

وجواز التّأديب بالهجران، فقد وقع في رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد عند أحمد " فما كلَّمه عبد الله حتّى مات " , وهذا - إن كان محفوظاً - يحتمل أن يكون أحدهما مات عقب هذه القصّة بيسيرٍ.

تكميلٌ: قوله " بالليل ": فيه إشارة إلى أنهم ما كانوا يمنعونهن

<<  <  ج: ص:  >  >>