وقد جزم ابن المنذر بأنّه - صلى الله عليه وسلم - كان يُصلِّي بغير أذان منذ فرضت الصّلاة بمكّة إلى أن هاجر إلى المدينة , وإلى أن وقع التّشاور في ذلك على ما في حديث عبد الله بن عمر ثمّ حديث عبد الله بن زيد. انتهى.
وقد حاول السّهيليّ الجمع بينهما فتكلف وتعسّف، والأخذ بما صحّ أولى، فقال بانياً على صحّة الحكمة في مجيء الأذان على لسان الصّحابيّ: إنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - سمعه فوق سبع سموات وهو أقوى من الوحي، فلمّا تأخّر الأمر بالأذان عن فرض الصّلاة وأراد إعلامهم بالوقت , فرأى الصّحابيّ المنام فقصّها , فوافقت ما كان النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - سمعه فقال: إنّها لرؤيا حقّ " , وعلم حينئذٍ أنّ مراد الله بما أراه في السّماء أن يكون سنّةً في الأرض، وتقوّى ذلك بموافقة عمر , لأنّ السّكينة تنطق على لسانه.
الفائدة الثانية: ممّا كثر السّؤال عنه. هل باشر النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - الأذان بنفسه؟.
وقد وقع عند السّهيليّ , أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أذّن في سفر , وصلَّى بأصحابه وهم على رواحلهم السّماء من فوقهم والبلة من أسفلهم. أخرجه التّرمذيّ من طريق تدور على عمر بن الرّمّاح يرفعه إلى أبي هريرة. انتهى
وليس هو من حديث أبي هريرة , وإنّما هو من حديث يعلى بن مرّة، وكذا جزم النّوويّ. بأنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أذّن مرّةً في السّفر , وعزاه للتّرمذيّ وقوّاه.