قوله:(حتى يؤذّن) وللبخاري " وكان رجلاً أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت " أي: دخلت في الصّباح، هذا ظاهره، واستشكل لأنّه جعل أذانه غايةً للأكل، فلو لَم يؤذّن حتّى يدخل في الصّباح للزم منه جواز الأكل بعد طلوع الفجر، والإجماع على خلافه إلاَّ من شذّ كالأعمش. (١)
وأجاب ابن حبيب وابن عبد البرّ والأصيليّ وجماعة من الشّرّاح: بأنّ المراد قاربتَ الصّباح.
ويعكّر على هذا الجواب. أنّ في رواية البيهقي " ولَم يكن يؤذّن حتّى يقول له النّاس حين ينظرون إلى بزوغ الفجر: أذِّن ".
وأبلغ من ذلك أنّ لفظ رواية البخاري التي في الصّيام " حتّى يؤذّن ابن أمّ مكتوم، فإنّه لا يؤذّن حتّى يطلع الفجر ".
وإنّما قلت إنّه أبلغ لكون جميعه من كلام النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -.
وأيضاً فقوله: إنّ بلالاً يؤذّن بليلٍ. يشعر أنّ ابن أمّ مكتوم بخلافه، ولأنّه لو كان قبل الصّبح لَم يكن بينه وبين بلال فرقٌ لصدق أنّ كلاً منهما أذّن قبل الوقت.
وهذا الموضع عندي في غاية الإشكال.
وأقرب ما يقال فيه , إنّ أذانه جعل علامةً لتحريم الأكل والشّرب،
(١) هكذا قال الشارح في باب الأذان موافقةً لابن قدامة. ثم استدرك في كتاب الصوم , ونقل عن جماعةٍ القول به كالأعمش. كما سأنقله هنا إن شاء الله.