وفي الحديث دليل على أنّ لفظ المثل لا يقتضي المساواة من كلّ جهة، لأنّ قوله مثل ما يقول لا يقصد به رفع الصّوت المطلوب من المؤذّن.
كذا قيل. وفيه بحثٌ، لأنّ المماثلة وقعت في القول لا في صفته، والفرق بين المؤذّن والمجيب في ذلك أنّ المؤذّن مقصوده الإعلام فاحتاج إلى رفع الصّوت، والسّامع مقصوده ذكر الله فيكتفي بالسّرّ أو الجهر لا مع الرّفع. نعم: لا يكفيه أن يجريه على خاطره من غير تلفّظٍ لظاهر الأمر بالقول.
وأغرب ابن المنير فقال: حقيقة الأذان جميع ما يصدر عن المؤذّن من قول وفعلٍ وهيئة.
وتعقّب: بأنّ الأذان معناه الإعلام لغةً، وخصّه الشّرع بألفاظٍ مخصوصةٍ في أوقاتٍ مخصوصة فإذا وجدت الأذان، وما زاد على ذلك من قول أو فعلٍ أو هيئة يكون من مكمّلاته - صلى الله عليه وسلم - , ويوجد الأذان من دونها. ولو كان على ما أطلق لكان ما أحدث من التّسبيح قبل الصّبح وقبل الجمعة ومن الصّلاة على النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - من جملة الأذان، وليس كذلك لا لغةً ولا شرعاً.
واستدل به على جواز إجابة المؤذّن في الصّلاة عملاً بظاهر الأمر، ولأنّ المجيب لا يقصد المخاطبة.
وقيل: يؤخّر الإجابة حتّى يفرغ لأنّ في الصّلاة شغلاً.
وقيل: يجيب إلاَّ في الحيعلتين , لأنّهما كالخطاب للآدميّين والباقي من ذكر الله فلا يمنع. لكن قد يقال: من يبدّل الحيعلة بالحوقلة لا