وروى البخاري عن بشير بن يسار الأنصارى عن أنس بن مالك , أنه قدم المدينة , فقيل له: ما أنكرت منا منذ يوم عهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , قال: ما أنكرتُ شيئاً إلاَّ أنكم لا تقيمون الصفوف (١).
قال ابن رشيد: أورد فيه حديث أنس " ما أنكرتُ شيئاً إلاَّ أنكم لا تقيمون الصفوف ". وتعقّب: بأن الإنكار قد يقع على ترك السنة فلا يدل ذلك على حصول الإثم.
وأجيب: بأنه لعله حمل الأمر في قوله تعالى (فليحذر الذين يخالفون عن أمره) على أنَّ المراد بالأمر الشأن والحال لا مجرد الصيغة، فيلزم منه أنَّ من خالف شيئاً من الحال التي كان عليها - صلى الله عليه وسلم - أن يأثم لِمَا يدلُّ عليه الوعيد المذكور في الآية، وإنكار أنس ظاهر في أنهم خالفوا ما كانوا عليه في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إقامة الصفوف، فعلى هذا تستلزم المخالفة التأثيم. انتهى كلام ابن رشيد ملخصاً.
وهو ضعيف؛ لأنه يفضي إلى أن لا يبقى شيء مسنون؛ لأن التأثيم إنما يحصل عن ترك واجب.
وأما قول ابن بطال: إنَّ تسوية الصفوف لَمَّا كانت من السنن المندوب إليها التي يستحق فاعلها المدح عليها دلَّ على أنَّ تاركها يستحق الذم.
(١) وبوَّب عليه البخاري " باب إثم من لَم يتم الصفوف ".