فهذا يبعد المجاز لانتقاء المناسبة التي ذكروها من بلادة الحمار.
وممّا يبعده أيضاً. إيراد الوعيد بالأمر المستقبل , وباللفظ الدّالّ على تغيير الهيئة الحاصلة، ولو أريد تشبيهه بالحمار لأجل البلادة لقال مثلاً فرأسُه رأس حمار، وإنّما قلت ذلك لأنّ الصّفة المذكورة - وهي البلادة - حاصلة في فاعل ذلك عند فعله المذكور , فلا يحسن أن يقال له يخشى إذا فعلت ذلك أن تصير بليداً، مع أنّ فعله المذكور إنّما نشأ عن البلادة.
وقال ابن الجوزيّ في الرّواية التي عبّر فيها بالصّورة: هذه اللفظة تمنع تأويل مَن قال المراد رأس حمار في البلادة، ولَم يبيّن وجه المنع.
وفي الحديث كمال شفقته - صلى الله عليه وسلم - بأمّته , وبيانه لهم الأحكام وما يترتّب عليها من الثّواب والعقاب، واستدل به على جواز المقارنة، ولا دلالة فيه , لأنّه دلَّ بمنطوقه على منع المسابقة، وبمفهومه على طلب المتابعة، وأمّا المقارنة فمسكوت عنها.
وقال ابن بزيزة: استدل بظاهره قومٌ لا يعقلون على جواز التّناسخ.
قلت: وهو مذهبٌ رديءٌ مبنيّ على دعاوى بغير برهانٍ، والذي استدل بذلك منهم إنّما استدل بأصل النّسخ لا بخصوص هذا الحديث.
لطيفةٌ: قال صاحب " القبس ": ليس للتّقدّم قبل الإمام سبب إلاَّ طلب الاستعجال، ودواؤه أن يستحضر أنّه لا يسلم قبل الإمام فلا يستعجل في هذه الأفعال، والله أعلم.