والجواب عن الأوّل: ردّه بعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - " صلّوا كما رأيتموني أصلي ". وعن الثّاني: بأنّ النّقص إنّما هو في حقّ القادر في النّافلة، وأمّا المعذور في الفريضة فلا نقص في صلاته عن القائم.
واستدل به (١) على نسخ الأمر بصلاة المأموم قاعداً إذا صلَّى الإمام قاعداً لكونه - صلى الله عليه وسلم - أقرّ الصّحابة على القيام خلفه وهو قاعد.
هكذا قرّره الشّافعيّ، وكذا نقله البخاري عن شيخه الحميديّ - وهو تلميذ الشّافعيّ - وبذلك يقول أبو حنيفة وأبو يوسف والأوزاعيّ، وحكاه الوليد بن مسلم عن مالك.
وأنكر أحمد نسخ الأمر المذكور بذلك , وجَمعَ بين الحديثين بتنزيلهما على حالتين:
إحداهما: إذا ابتدأ الإمام الرّاتب الصّلاة قاعداً لمرضٍ يرجى برؤه فحينئذٍ يصلّون خلفه قعوداً.
ثانيتهما: إذا ابتدأ الإمام الرّاتب قائماً لزم المأمومين أن يصلّوا خلفه قياماً. سواء طرأ ما يقتضي صلاة إمامهم قاعداً أم لا. كما في الأحاديث التي في مرض موت النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فإنّ تقريره لهم على القيام دلَّ على أنّه لا يلزمهم الجلوس في تلك الحالة , لأنّ أبا بكر ابتدأ الصّلاة بهم قائماً وصلوا معه قياماً، بخلاف الحالة الأولى. فإنّه - صلى الله عليه وسلم -
(١) أي: حديث عائشة الذي تقدم ذكره في الشرح " أن أبا بكر يُصلِّي وهو قائم بصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - , والناس بصلاة أبي بكر , والنبي - صلى الله عليه وسلم - قاعد. أخرجاه في الصحيحين