الخامس والعشرون: فيه وجوب الاعتدال إذا رفع رأسه من الركوع بحيث يستوي قائماً. السادس والعشرون: فيه وجوب الجلوس بين السجدتين. السابع والعشرون: فيه وجوب التشهد الأول والأخير , وهو مذهب أحمد وأصحاب الحديث وقال الشافعي: الأول سنّة , والثاني فرض وقال مالك , وأبو حنيفة والأكثرون: هما سنتان , لكن أوجب أبو حنيفة الجلوس بقدره. والأشهر عن مالك أنه يجب الجلوس بعد السلام فقط. دليل أحمد هذا الحديث مع حديث: صلّوا كما رأيتموني أصلي. ويقول ابن مسعود: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلّمنا التشهد كما يعلّمنا السورة من القرآن , وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: إذا صلَّى أحدكم فليقل التحيات " والأمر للوجوب , لكنه قال في التشهد: إن تركه عمداً بطلت صلاته , وإن تركه سهواً أجزأته صلاته , ويسجد للسهو , لأنه - صلى الله عليه وسلم - تركه وجَبَرَه به. ونقيسه على واجب الحج في أنه إذا تركه جبر بدم. لكن الفرق بينهما أنَّ الأصل في الواجب أنه يتعين الإتيان به , ولا يجوز تركه ولا جبره. جُوّز في الحج لمشقة العبادة , ولمواساة الفقراء من أهل الحرم , ولدخول النيابة فيه للتخفيف , بخلاف الصلاة فإنها عبادة بدنيه لا مشقة فيها , ولا تدخلها النيابة , ولا تكفر بالمال , بل لا بد من الإتيان بها على كل حال ما دام العقل ثابتاً , حتى في مقابلة العدو وغيره. واحتج من أوجب الثاني: بأنه لَم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن غيره تركه عمداً ولا سهواً , فاقتضى وجوبه: كالركوع والسجود , بخلاف التشهد الأول مع أنَّ التشهد لَم يجر له ذكر فيما أعلم في حديث المسيء صلاته. فيجاب عنه: بأنه كان معلوماً عنده , ولهذا لَم يذكر له النية وقد أجمعنا على وجوبه , ولَم يذكر القعود للتشهد , وقد وافق أبو حنيفة على وجوبه , لَم يذكر السلام. وقد وافق مالك والجمهور على وجوبه. واعلم ان المحب الطبري نقل في " أحكامه ": عن الإمام أحمد أنه إنْ لَم يتشهد وسلَّم أجزأه , كذا أطلق النقل عنه , وقد عرفتَ تفصيل مذهبه فيه. الثامن والعشرون: فيه شرعية الافتراش في جلسات الصلاة , وقد تقدم مستوفى , وكيف قَعَدَ جَازَ , وانما الخلاف في الأفضل التاسع والعشرون: فيه شرعية مخالفة الشيطان في الجلوس في الصلاة وغيرها , ولا شكَّ أنَّ كل حالة من قول أو فعل أو حركة أو سكون أو خطرة أو نظرة أو فكرة مخالفة للشرع فهي شيطانية , لكن بعضها دخل في المجاوزة التي امتن الله بها , وبعضها لَم يدخل. الثلاثون: فيه مخالفة الحيوان كالكلب وغيره في حالة افتراش ذراعيه وغيرها خصوصاً في الصلاة. ولا شك أنَّ الله تعالى جبل الحيوانات على أحوال محمودةٍ ومذمومةٍ فبيَّن بالشرع محموداً منها ومذموماً للاكتساب وللاجتناب. وقد صنَّف بعض العلماء كتاباً في " تفضيل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب " , ولنا به سماع متصل. وكل كذلك كرماً منه سبحانه لتفضيل النوع الإنساني ليقتدي أو يرتدي. الحادي والثلاثون: فيه شرعية السلام آخر الصلاة , وقد تقدم واضحاً. الثاني والثلاثون: في دليل على أنَّ السلام ركنٌ من أركان الصلاة. لقولها: وكان يختم الصلاة بالتسليم , وليس ذلك بقوي. وادَّعى الرافعي الاتفاق على ركنيته , وليس كما ادعى , فقد حكى القاضي مجلِّي: أنه شرط. الثالث والثلاثون: فيه حُجّة لمن نكَّر السلام , وهو ماصحَّحه الرافعي , وخالف النووي , فصحح المنع , وعلَّله بأنه لَم ينقل لكنه صحَّح إجزاء: عليكم السلام , ولَم ينقل فيما أعلم. فرع: لَم أره منقولاً لو قال: سِلْم عليكم بكسر السين واسكان اللام , فظاهر كلامهم المنع , لكنها لغة في السلام , حكاها الحطابي. الرابع والثلاثون: فيه استحباب مجافاة المرفقين عن الجنبين في السجود , لأنه إذا نهى عنه افتراش ذراعيه لزم منه رفعهما , فلزم منه مجافاتهما , كما استنبطه بعضهم , ووجه تلازمها غير ظاهر.