الاعتدال ذِكْراً غير مأثور (١)، ومن ثَمَّ اختار النّوويّ جواز تطويل الرّكن القصير بالذّكر خلافاً للمرجّح في المذهب.
واستدل لذلك أيضاً بحديث حذيفة في مسلم , أنّه - صلى الله عليه وسلم - قرأ في ركعة بالبقرة أو غيرها ثمّ ركع نحواً ممّا قرأ , ثمّ قام بعد أن قال: ربّنا لك الحمد. قياماً طويلاً قريباً ممّا ركع.
قال النّوويّ: الجواب عن هذا الحديث صعب، والأقوى جواز الإطالة بالذّكر.
وقد أشار الشّافعيّ في الأمّ إلى عدم البطلان , فقال في ترجمة " كيف القيام من الرّكوع ": ولو أطال القيام بذكر الله أو يدعو أو ساهياً وهو لا ينوي به القنوت , كرهتُ له ذلك ولا إعادة، إلى آخر كلامه في ذلك.
فالعجب ممّن يصحّح مع هذا بطلان الصّلاة بتطويل الاعتدال، وتوجيههم ذلك أنّه إذا أطيل انتفت الموالاة , معترض بأنّ معنى الموالاة أن لا يتخلَّل فصْلٌ طويل بين الأركان بما ليس منها، وما ورد به الشّرع لا يصحّ نفي كونه منها، والله أعلم
وأجاب بعضهم عن حديث البراء: أنّ المراد بقوله " قريباً من
(١) صحيح البخاري (٧٩٩) عن رفاعة بن رافع الزرقي، قال: كنا يوماً نُصلِّي وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - فلمَّا رفع رأسه من الركعة. قال: سمع الله لمن حمده، قال رجلٌ وراءه: ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، فلما انصرف، قال: مَن المتكلم؟ قال: أنا. قال: رأيت بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها أول. ولمسلم (٦٠٠) عن أنس نحوه