(فاقرءوا ما تيسّر من القرآن) فالفرض قراءة ما تيسّر، وتعيين الفاتحة إنّما ثبت بالحديث فيكون واجباً يأثم من يتركه وتجزئ الصّلاة بدونه.
وإذا تقرّر ذلك لا ينقضي عجبي ممّن يتعمّد ترك قراءة الفاتحة منهم وترك الطّمأنينة , فيصلّي صلاة يريد أن يتقرّب بها إلى الله تعالى , وهو يتعمّد ارتكاب الإثم فيها مبالغة في تحقيق مخالفته لمذهب غيره.
واستدل به على وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة بناءً على أنّ الرّكعة الواحدة تسمّى صلاةً لو تجرّدت.
وفيه نظرٌ؛ لأنّ قراءتها في ركعةٍ واحدةٍ من الرّباعيّة مثلاً يقتضي حصول اسم قراءتها في تلك الصّلاة، والأصل عدم وجوب الزّيادة على المرّة الواحدة.
والأصل أيضاً عدم إطلاق الكل على البعض؛ لأنّ الظّهر مثلاً كلّها صلاة واحدة حقيقة كما صرّح به في حديث الإسراء حيث سمّى المكتوبات خمساً، وكذا حديث عبادة " خمس صلواتٍ كتبهنّ الله على العباد " وغير ذلك، فإطلاق الصّلاة على ركعةٍ منها يكون مجازاً.
قال الشّيخ تقيّ الدّين: وغاية ما في هذا البحث أن يكون في الحديث دلالة مفهومٍ على صحّة الصّلاة بقراءة الفاتحة في كل ركعةٍ واحدةٍ منها، فإن دلَّ دليل خارج منطوق على وجوبها في كل ركعةٍ كان مقدّماً. انتهى.
وقال بمقتضى هذا البحث الحسن البصريّ. رواه عنه ابن المنذر بإسنادٍ صحيحٍ