للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا الفقه بعينه. يقول الله تعالى: {فلم تجدوا ماء فتيمموا} [النساء: ٤٣] وهذا ماء، وفي النفس منه شيء فأرى أن يتوضأ به ويتيمم. (١)

فسمَّى الثوريُّ الأخذَ بدلالة العموم فقهاً، وهي التي تضمنها قوله تعالى (فلم تجدوا ماءً) لكونها نكرة في سياق النفي فتعمّ ولا تخص إلا بدليل، وتنجيس الماء بولوغ الكلب فيه غير متفق عليه بين أهل العلم. وزاد من رأيه التيمم احتياطاً.

وتعقبه الإسماعيلي: بأن اشتراطه جواز التوضؤ به إذا لم يجد غيره يدلُّ على تنجيسه عنده؛ لأن الظاهر يجوز التوضؤ به مع وجود غيره.

وأجيب: بأن المراد أن استعمال غيره مما لم يختلف فيه أولى، فأما إذا لم يجد غيره فلا يعدل عنه - وهو يعتقد طهارته - إلى التيمم.

وأمَّا فتيا سفيان بالتيمم بعد الوضوء به فلأنه رأى أنه ماء مشكوك فيه من أجل الاختلاف فاحتاط للعبادة.

وقد تعقِّب: بأنه يلزم من استعماله أن يكون جسده طاهراً بلا شك فيصير باستعماله مشكوكاً في طهارته، ولهذا قال بعض الأئمة: الأولى أن يريق ذلك الماء ثم يتيمم، والله أعلم.


(١) قول الزهري وسفيان علَّقه البخاري في " صحيحه " في كتاب الوضوء. باب الماء الذي يغتسل به شعر الإنسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>