قوله:(صلَّى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) ظاهر في أنّ أبا هريرة حضر القصّة , وحمله الطّحاويّ على المجاز , فقال: إنّ المراد به صلَّى بالمسلمين , وسبب ذلك قول الزّهريّ: إنّ صاحب القصّة استشهد ببدرٍ، فإنّ مقتضاه أن تكون القصّة وقعت قبل بدرٍ , وهي قبل إسلام أبي هريرة بأكثر من خمس سنين (١).
لكن اتّفق أئمّة الحديث - كما نقله ابن عبد البرّ وغيره - على أنّ الزّهريّ وهم في ذلك، وسببه أنّه حمل القصّة لذي الشّمالين، وذو الشّمالين هو الذي قتل ببدرٍ , وهو خزاعيّ. واسمه عمير بن عبد عمرو بن نضلة.
وأمّا ذو اليدين. فتأخّر بعد النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بمدّةٍ , لأنّه حدّث بهذا الحديث بعد النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كما أخرجه الطّبرانيّ وغيره، وهو سلميّ , واسمه الخرباق على ما سيأتي البحث فيه.
وقد وقع عند مسلم من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة " فقام رجلٌ من بني سليم " , فلمّا وقع عند الزّهريّ بلفظ " فقام ذو الشّمالين " وهو يعرف أنّه قتل ببدرٍ قال لأجل ذلك: إنّ القصّة وقعت قبل بدر.
وقد جوّز بعض الأئمّة أن تكون القصّة وقعت لكلٍّ من ذي الشّمالين وذي اليدين , وأنّ أبا هريرة روى الحديثين فأرسل أحدهما ,
(١) قال الشيخ ابن باز (٢/ ١٢٦): صوابه بأكثر من أربع سنين , لأنَّ غزوة بدرٍ وقعت في رمضان من الثانية من الهجرة , وإسلام أبي هريرة وقع في عام خيبر في أول سنة سبع. فتأمّل. والله أعلم