وحكي عن بعض شرّاح " التّنبيه " أنّه قال: كان قصير اليدين , فكأنّه ظنّ أنّه حميد الطّويل , فهو الذي فيه الخلاف.
وقد تقدّم أنّ الصّواب التّفرقة بين ذي اليدين وذي الشّمالين.
وذهب الأكثر: إلى أنّ اسم ذي اليدين الْخِرْباق - بكسر المعجمة وسكون الرّاء بعدها موحّدة وآخره قاف - اعتماداً على ما وقع في حديث عمران بن حصين عند مسلم. ولفظه " فقام إليه رجلٌ يقال له الخرباق , وكان في يده طول "(١).
وهذا صنيع من يوحّد حديث أبي هريرة بحديث عمران , وهو الرّاجح في نظري. وإن كان ابن خزيمة ومن تبعه جنحوا إلى التّعدّد.
والحامل لهم على ذلك الاختلاف الواقع في السّياقين، ففي حديث أبي هريرة , أنّ السّلام وقع من اثنتين , وأنّه - صلى الله عليه وسلم - قام إلى خشبةٍ في المسجد، وفي حديث عمران , أنّه سلم من ثلاث ركعاتٍ , وأنّه دخل منزله لَمّا فرغ من الصّلاة.
فأمّا الأوّل: فقد حكى العلائيّ , أنّ بعض شيوخه حمله على أنّ
(١) وتمامه عند مسلم (٥٧٤) من طريق خالد الحذَّاء عن أبي قلابة عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى العصر، فسلَّم في ثلاث ركعات، ثم دخل منزله فقام إليه رجل يقال له الخرباق، - وكان في يديه طول – فقال: يا رسول الله. فذكر له صنيعه، وخرج غضبان يجر رداءه، حتى انتهى إلى الناس، فقال: أصدق هذا؟ قالوا: نعم، فصلى ركعة، ثم سلَّم، ثم سجد سجدتين، ثم سلَّم.