للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحاجته " وهو تفسير لقوله " نتكلم " , والذي يظهر أنّهم كانوا لا يتكلمون فيها بكل شيءٍ , وإنّما يقتصرون على الحاجة من ردّ السّلام ونحوه.

قوله: (حتّى نزلت) ظاهر في أنّ نسخ الكلام في الصّلاة وقع بهذه الآية، فيقتضي أنّ النّسخ وقع بالمدينة , لأنّ الآية مدنيّةٌ باتّفاقٍ، فيشكل ذلك على قول ابن مسعود: كنا نسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة، فيرد علينا، فلمَّا رجعنا من عند النجاشي سلَّمنا عليه، فلم يرد علينا، وقال: إن في الصلاة شغلاً (١). متفق عليه.

وكان رجوعهم من عنده إلى مكّة، وذلك أنّ بعض المسلمين هاجر إلى الحبشة ثمّ بلغهم أنّ المشركين أسلموا فرجعوا إلى مكّة , فوجدوا الأمر بخلاف ذلك , واشتدّ الأذى عليهم فخرجوا إليها أيضاً , فكانوا في المرّة الثّانية أضعاف الأولى، وكان ابن مسعود مع الفريقين.

واختلف في مراده بقوله " فلمّا رجعنا " هل أراد الرّجوع الأوّل أو


(١) قال الحافظ في " الفتح ": أي بقراءة القرآن والذكر والدعاء , أو للتعظيم. أي: شغلاً وأي شغل , لأنها مناجاة مع الله تستدعي الاستغراق بخدمته فلا يصلح فيها الاشتغال بغيره.
وقال النووي: معناه أنَّ وظيفة المصلي الاشتغال بصلاته وتدبر ما يقوله فلا ينبغي أن يعرِّج على غيرها من رد السلام ونحوه. زاد في رواية أبي وائل عن ابن مسعود عند أبي داود واللفظ له وأحمد والنسائي. وصحَّحه ابن حبان: إن الله يُحدِث من أمره ما يشاء , وإنَّ الله قد أحدث أن لا تكلموا في الصلاة.
فائدة: روى ابن أبي شيبة من مرسل ابن سيرين , أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ردَّ على ابن مسعود في هذه القصة السلام بالإشارة. انتهى

<<  <  ج: ص:  >  >>