روى الطّبرانيّ من حديث أبي أُمامة قال: كان الرّجل إذا دخل المسجد فوجدهم يصلّون سأل الذي إلى جنبه فيخبره بما فاته فيقضي ثمّ يدخل معهم، حتّى جاء معاذ يوماً فدخل في الصّلاة " فذكر الحديث، وهذا كان بالمدينة قطعاً , لأنّ أبا أُمامة ومعاذ بن جبل إنّما أسلما بها.
قوله:(حتّى نزلت وقوموا لله قانتين) قال البخاري: أي مطيعين , وهو تفسير ابن مسعود , أخرجه ابن أبي حاتم بإسنادٍ صحيح، ونقله أيضاً عن ابن عبّاس وجماعة من التّابعين. وذكر من وجه آخر عن ابن عبّاس قال: قانتين. أي مصلين. وعن مجاهد قال: من القنوت الرّكوع والخشوع وطول القيام وغضّ البصر وخفض الجناح والرّهبة لله.
وأصحّ ما دلَّ عليه حديث الباب - وهو حديث زيد بن أرقم - في أنّ المراد بالقنوت في الآية السّكوت , والمراد به السّكوت عن كلام النّاس لا مطلق الصّمت، لأنّ الصّلاة لا صمت فيها , بل جميعها قرآن وذكر. والله أعلم.
قوله:(فأُمرنا بالسّكوت) أي: عن الكلام المتقدّم ذكره لا مطلقاً , فإنّ الصّلاة ليس فيها حال سكوت حقيقيّة.
قال ابن دقيق العيد: ويترجّح بما دلَّ عليه لفظ " حتّى " التي للغاية , والفاء التي تشعر بتعليل ما سبق عليها لِمَا يأتي بعدها.
تنبيه: زاد مسلم في روايته " ونُهينا عن الكلام " ولَم يقع في البخاريّ، وذكرها صاحب العمدة , ولَم ينبّه أحدٌ من شرّاحها عليها.