وقيل: صلاة الله على خلقه تكون خاصّة وتكون عامّة , فصلاته على أنبيائه هي ما تقدّم من الثّناء والتّعظيم، وصلاته على غيرهم الرّحمة فهي التي وسعت كلّ شيء.
ونقل عياض عن بكر القشيريّ. قال: الصّلاة على النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - من الله تشريف وزيادة تكرمة , وعلى من دون النّبيّ رحمة.
وبهذا التّقرير يظهر الفرق بين النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وبين سائر المؤمنين حيث قال الله تعالى (إنّ الله وملائكته يصلّون على النّبيّ) وقال قبل ذلك في السّورة المذكورة (هو الذي يُصلِّي عليكم وملائكته) , ومن المعلوم أنّ القدر الذي يليق بالنّبيّ - صلى الله عليه وسلم - من ذلك أرفع ممّا يليق بغيره. والإجماع منعقد على أنّ في هذه الآية من تعظيم النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - , والتّنويه به ما ليس في غيرها.
وقال الحليميّ في " الشّعب ": معنى الصّلاة على النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - تعظيمه، فمعنى قولنا: اللهمّ صلِّ على محمّد عظّم محمّداً. والمراد تعظيمه في الدّنيا بإعلاء ذكره وإظهار دينه وإبقاء شريعته وفي الآخرة بإجزال مثوبته وتشفيعه في أمّته وإبداء فضيلته بالمقام المحمود، وعلى هذا فالمراد بقوله تعالى (صلّوا عليه) ادعوا ربّكم بالصّلاة عليه. انتهى.
ولا يعكّر عليه عطف آله وأزواجه وذرّيّته عليه فإنّه لا يمتنع أن يدعى لهم بالتّعظيم، إذ تعظيم كلّ أحد بحسب ما يليق به.
وما تقدّم عن أبي العالية أظهر، فإنّه يحصل به استعمال لفظ الصّلاة بالنّسبة إلى الله وإلى ملائكته وإلى المؤمنين المأمورين بذلك بمعنىً