للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاستعلاء قد يكون طلب العلو المذموم، وقد يكون طلب العلاء وهي الرفعة. فقوله: {وقد أفلح اليوم من استعلى} [طه:٦٤] يحتمل الأمرين جميعًا. وقوله: {سبح اسم ربك الأعلى} أي أعلى من أن يقاس به أو يعتبر بغيره. قوله: {تنزيلًا ممن خلق الأرض والسموات العلى} [طه:٤] جمع عليا تأنيث أعلى أفعل تفضيل. والمعنى هن الأشرف والأفضل بالنسبة إلى هذا العالم.

قوله: {عاليهم ثياب} [الإنسان:٢١]. يجوز أن يكون ظرفًا وأن يكون وصفًا، ونصبه على الحال وما بعده مرفوع به، ولذلك موضع حققناه فيه وقرئ {عليهم} جار ومجرور، وكلا المعنيين متقارب. قوله تعالى: {كلاه إن كتاب الأبرار لفي عليين} [المطففين:١٨] قيل: هو موضع في أعلى الجنة وهو اسم علمٍ لذلك المكان كمكة، وجمع جمع العقلاء، وهو اسم أشرف الجنان كما انه سجينها اسم شر النيران. وقيل: بل ذلك في الحقيقة اسم سكانها. قال الراغب: وهذا أقرب في العربية؛ إذ كان هذا الجمع يختص بالناطقين. قال: والواحد على نحو بطيخ. ومعناه أن الأبرار في جملة هؤلاء فيكون ذلك كقوله: {فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم} [النساء:٦٩]. وباعتبار العلو قيل للمكان الشرف والمشرف العلياء. وقال مجاهد: عليون: السماء الرابعة. وقال الزجاج: أعلى الأمكنة. وقال قتادة: هو تحت قائمة العرش اليمني. وقال الفراء: هو واحد كما تقول: لقيت منه الرحيين وهو واحد. ويراد به المبالغة. وأنشد قول النابغة: [من البسيط]

١٠٨٢ - يا دار مية بالعلياء فالسند ... أقوت وطال عليها سالف الأبد

قيل: والعلياء من عليت أعلى، لا من علوت أعلو، وإلا لوجب العلواء. وقد حققنا

<<  <  ج: ص:  >  >>