للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القيام للزمان والمراد أهلها. والساعة أيضًا اسم ليوم القيامة؛ قال الراغب: القيامة أصلها ما يكون من الإنسان من القيام دفعة واحدة، أدخل فيها الهاء تنبيهًا على وقوعها دفعةً.

قوله: {واتخذا من مقام إبراهيم مصلى} [البقرة: ١٢٥] أي مكان قيامه؛ يريد به المكان الذي كان يقوم عليه حين بنى الكعبة الشريفة، من الله علينا برؤياها ثانيًا وأكثر من ذلك بحجة من شرع حجها. والمقام يكون اسم مكان القيام وزمانه ومصدره، وأصله مقوم، فأعل بالنقل والقلب.

قوله تعالى: {يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي} [يونس: ٧١] يجوز أن يكون مصدرًا أي قيامي فيكم ودعوتي إلى الله، وأن يكون زمانًا أي زمن قيامي لأنه صلى الله عليه وسلم يتعهد نصيحتهم ليلاً ونهارًا كما أخبر عنه تعالى بقوله: {رب إني دعوت قومي ليلاً ونهارًا} [نوح: ٥] وذلك مما يضجر الأشقياء، فقال لهم ذلك، وأن يكون مكانًا لأنه كان يبرز نفسه الشريفة ويظهرها على مكانٍ لا يخفى. فصلى الله على سائر الأنبياء ما أقوى جأشهم وأرسخ قدمهم وأثبت صبرهم.

قوله: {قبل أن تقوم من مقامك} [النمل: ٣٩]. قال الأخفش: إن المقام المقعد، قال الراغب: فهذا إن أراد أن المقام والمقعد شيء واحد بالذات، فإنهما يختلفان بالنسبة إلى الفاعل كالحدور والصعود. وإن أراد أن معنى القيام معنى المقعد فذلك بعيد فإنه يسمى المكان الواحد مرة مقامًا إذا اعبتبر بقيامه، ومقعدًا إذا اعتبر بقعوده.

وقيل: المقامة عبارة عن الجماعة الحاضرين عنده، وأنشد [من الطويل]

١٣٠٨ - وفيهم مقامات حسان وجوههم

وهذا على سبيل المجاز أطلق للمحل على الحال، ومثله قول مهلهل: [من الكامل]

<<  <  ج: ص:  >  >>