١٣٠٩ - نبئت أن النار بعدك أوقدت ... واستب بعدك يا كليب المجلس
وما أحسن قوله:{فليدع ناديه، سندع الزبانية}[العلق: ١٧ - ١٨] فشتان ما بين النداءين والمناديين والمناديين.
قوله تعالى:{إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا}[فصلت: ٣٠] أي لزموا الطريق المستقيم، وهو ما أمر الله به فامتثلواه وما نهى عنه فاجتنبوه، وهو أمر شاق، ولذلك يروى عن سيد الخلق أنه قال:"شيبتني هود وأخواتها" قيل: أشار بذلك إلى قوله تعالى: {فاستقم كما أمرت}[هود: ١١٢].
قوله:{إهدنا الصراط المستقيم}[الفاتحة: ٦] يعني طريق الحق والدين الحق، وذلك على سبيل الاستعارة؛ شبه طريق الحق بدينٍ مستقيمٍ إذ لا عوج فيه ولا احد يداب ولا حدوبة، كذا دين الإسلام سهل مستقيم. وإليه أشار بقوله تعالى:{وما جعل عليكم في الدين من حرجٍ}[الحج: ٧٨]{يريد الله بكم اليسر}[البقرة: ١٨٥] اووافق قوله صلى الله عليه وسلم: "بعثت بالحنيفية السمحاء". ولا يرى أشق من سلوك الطرق المعوجة الجائزة عن القصد، وكذلك الدين غير الحق لا يرى أثقل منه ولا أشق على النفس من اعتقاده، وإنما يتحمله من يتحمله لشقاوته.
قوله:{حتى تقيموا التوراة}[المائدة: ٦٨] أي تحللوا ما حللت وتحرموا ما حرمت، فذلك تقويمها وإقامتها، فإن من ضيع حدودها فقد أضاعها ولم يقم منآدها، والمراد: توفوها حقها علمًا وعملاً. قال بعضهم: لم يأمر الله تعالى بالصلاة حيثما أمر ولا مدح بهما حيثما مدح إلا بلفظ الإقامة، تنبيهًا على أن المقصود بها توفية شروطها والإتيان بهيئاتها كاملةً مستكملة الفرائض والسنن لا الإتيان بهيئاتها. وكذلك سؤاله صلى الله عليه وسلم