قوله تعالى:{لا يكلف الله نفسًا إلى وسعها}[البقرة: ٢٦٨] أي لا يحملها من أمر دينها إلا ما هو في طوقها. وبه استدل من يرى تكليف ما لا يطاق. وقيل: لا يكلفها إلا ما قرره على لسان نبيه مما هو في قدرتها؛ فكل ما قرره الشارع فهو في وسعها وإن كان يشق عليها، ألا ترى إلى قوله:{وإنها لكبيرةٌ إلا على الخاشعين}[البقرة: ٤٥]. وقيل: ما تعدونه من مشقة فهو سعةٌ في المال كقوله تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم}[البقرة: ٢١٦]{فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا}[النساء: ١٩]
وأصل التكليف من الكلف وهو الإيلاع بالشيء، ومنه كلف فلانٌ فاكلفته: جعلته كلفا به، ومنه الكلف في الوجه لتصور كلفةٍ به.
وتكلف الشيء: ما يفعله الإنسان مع إظهار كلفٍ به مع مشقة تناله في تعاطيه. وقيل: الكلف: المشقة، وتحقيقه ما قدمته، فصار التكليف في العرف العام حمل المكلف على ما فيه مشقةٌ، والتكلف اسمًا لما يفعل بمشقةٍ أو تصنع أو تتبع. ومن ثم انقسم التكلف إلى قسمين: الأول مذمومٌ، وهو ما يفعل المرء ويتحراه فاعله مرائيًا. وإياه عنى عليه الصلاة والسلام بقوله:«أنا وأمتى برآء من التكلف» وإليه أشار بقوله في حق نبيه: {وما أنا من المتكلفين}[ق: ٨٦]. والثاني ممدوحٌ، وهو ما يتحراه فاعله ليصير فعله سهلًا عليه ويصير كلفًا به ومحبًا له. وبهذا النظر استعمل التكليف في تكلف العبادات.
ك ل م:
قوله تعالى:{فتلقى آدم من ربه كلماتٍ فتاب عليه}[البقرة: ٣٧] أي أن الله تعالى أوحاها إليه فتلقاها بالقبول. وفي التفسير أنها قوله:{ربنا ظلمنا أنفسنا}[الأعراف: ٢٣] الآية. وقيل: هي الأمانة المشار إليها بقوله تعالى: {إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال}[الأحزاب: ٧٢] وقيل في الأمانة: هي كلمة