١٦٨٣ - إذا الشيطان نفق في قفاها ... تنفقناه بالحبل التؤام
وقال ابن الأعرابي: وفي الاعتدال لتسمية المنافق منافقًا ثلاثة أوجهٍ:
أحدها أنه يسر كفره ويخفيه. فشبه بالذي يدخل النفق وهو السرب يستتر فيه. والثاني أنه نافقٌ كاليربوع، وذلك أن اليربوع له جحران: أحدهما يقال له النافقاء، والآخر القاصعاء. فإذا طلب من النافقاء خرج من القاصعاء.
والثالث أنه شبه به لمخادعته، وذلك أن اليربوع يحتفر الأرض من تحتها حتى يرقها جدًا، فإذا طلب من باب جحره عمد إلى ذلك الموضع الذي رقق ترابه بحفره ودفعه برأسه خارجًا. فظاهر جحره أرض، وباطنه حفرٌ، فكذلك المنافق ظاهره مؤمنٌ وباطنه كافرٌ.
قوله:{إذا لأمسكتم خشية الإنفاق}[الإسراء: ١٠٠] قال الراغب: أي الإقتار، يقال: أنفق فلانٌ: إذا نفق ماله فافتقر. فالإنفاق كالإملاق في قوله تعالى:{ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق}[الإسراء: ٣١]. وقال أبو عبيد: أي خشية الفناء والفساد. وقال قتادة: خشية الفاقة. وحكي: نفق الزاد ينفق: نفد. وأنفقه صاحبه: أنفده. وأنفق القوم: فني زادهم. والظاهر أن هذا من باب التعبير عن المسبب بسببه؛ فإن الإنفاق سبب الافتقار من الشيء المنفق. وقد قيل: إن كل ما فاؤه نونٌ وعينه فاءٌ كيفما كانت لامه دل على الخروج والذهاب، وهو أمرٌ مستقرى. ويقال: نفق الشيء: مضى ونفد، إما بالبيع نحو نفق البيع نفاقًا، ونفق القوم: إذا نفق سوقهم، عكس كسد. وإما بالموت نحو: نفقت الدابة نفوقًا، أي خرجت روحها فوقع الفرق بالمصدر.
قوله:{ولا ينفقون نفقةً}[التوبة: ١٢١] النفقة: اسم للشيء المنفق من المال ثم النفقة الواردة في القرآن إما واجبةٌ أو مندوبةٌ، وقد تجري في الأحكام الخمسة. ومن كونها حرامًا قوله تعالى:{إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله}[الأنفال: ٣٦]{ينفقون أموالهم رئاء الناس}[النساء: ٣٨] وفي حديث ابن عباسٍ: «لا ينفق بعضكم لبعض» أي لا يروج سلعة صاحبه بالنجش.