[يونس: ٥]{وجعل فيها سراجًا وقمرًا منيرًا}[الفرقان:٦١]. وإنما جُعلت الشمس ضياء لأن الضياء أخص من النور؛ إذ الضوء نور قوي. وقال الراغب: وتخصيص الشمس بالضوء والقمر بالنور من حيث أن الضوء أخص من النور. قلت: ولهذا قيل: لم قال تعالى: {ذهب الله بنورهم}[البقرة: ١٧] ولم يقل بضيائهم؟ فلم ينف عنهم ما هو أقوى. وجوابه أنه لا يلزم من نفي الأخص نفي الأعم؛ إذ لو نفي عنهم الضوء لجاز أن يتوهم بقاء نور. فإذا نفي عنهم النور الذي هو أعم لزم منه نفي الضوء الذي هو أخص.
قوله:{وجعل الظلمات والنور}[الأنعام: ١] يشمل ما يدرك بالبصر والبصيرة. قوله:{وأشرقت الأرض بنور ربها}[الزمر: ٦٩] أي بعدله عليه الصلاة والسلام في مقابلة: "الظلم ظلمات يوم القيامة"، والنار من ذلك، فألفها عن واوٍ. ويدل على ذلك تصفيرها على نويرة. قوله:{أفرأيتم النار الذي تورون}[الواقعة: ٧١] أي المسافرين الذين فنى زادهم. وتُستعار للحرب. قال تعالى:{كلما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله}[المائدة: ٦٤] ورشحها بالإطفاء.
"قال بعضهم: النار والنور من أصل واحد، وكثيرًا ما يتلازمان، لكن النار متاع للمقوين في الدنيا، والنور متاع لهم في الدنيا والآخرة، ولذلك اُستعمل في النور الاقتباس، قال تعالى:{نقتبس من نوركم}[الحديد: ١٣] وتنورت نارًا: أبصرتها". قال امرؤ القيس:[من الطويل]
١٧٠٩ - تنورتها من أذرعات فدارها ... بيثرب أدنى دارها نظر عال
والمنار: علم الطريق الذي يُهتدى له. قال امرؤ القيس أيضًا:[من الطويل]
١٧١٠ - على لا حب لا يهتدي بمناره ... إذ سافه العود النباطي جرجرا