وقد رد عليه الناس هذه المقالة. قال الراغب: وفي قوله هذا قصور نظرٍ منه، وعلى أن الأشياء أربعة أضربٍ:
ضربٍ في بيانه مفسدة، فلا يجوز لصاحب الشرع أن ينبه عليه كوقت القيامة ووقت الموت.
قلت في قوله: فلا يجوز لصاحب الشرع، عبارة غير سديدةٍ. ولو قال: فلا يجوز بيانه لمصلحةٍ علمها الشارع لكان أحسن.
قال: وضربٍ معقولٍ ويمكن للناس إدراكه من غير نبي كمعرفة الله تعالى وتفكره في خلق السماوات والأرض، فلا يلزم صاحب الشرع أن يبينه، ألا ترى كيف أحال معرفته على العقول في قوله تعالى:} قل انظروا ماذا في السماوات والأرض {[يونس: ١٠١] وقوله:} أولم يتفكروا {[الأعراف: ١٨٤].
وضرب يجب عليه بيانه كأصول الشرعيات المختصة بشرعه.
وضربٍ يمكن الوقوف عليه مما بينه صاحب الشرع كفروع الأحكام. فإذا اختلف الناس في أمرٍ غير الذي يختص بالنبي بيانه فهو مخير بين أن يبين وبين أن لا يبين، حسبما يقتضيه اجتهاده وحكمته. فإذا لم يرد في الآية كل ذلك فهو ظاهر لمن ألقى العصبية عن نفسه. وأما الشاعر فإنه يعني نفسه. والمعنى إلا أن يتداركني الموت، لكن عرض ولم يصرح حسبما بنيت عليه جبلة الإنسان في البعاد عند ذكر موته.
قلت: ما ذكره من الإنكار على أبي عبيدة صحيح. والبيت الذي أنشد للبيدٍ أوله:[من الكامل]
١٧٤ - تراك أمكنةٍ إذا لم أرضها ... أو يرتبط بعض النفوس حمامها
وأبو عبيدة هذا وإن كان إمامًا إلا أنه يضعف عن علم الإعراب وفي بعض فهمه. ولما حكى الزمخشري عنه هذه المسألة قال: إن صحت هذه الرواية عنه فقد حق فيه قول