مستوحشًا فيها. فالأول فيه مفارقة ما ألف من الرحمة والشيمة إلى دار التعب والكد ومعاناة الهموم. والثاني مفارقة ما ألف من الدنيا إلى القبر وما يتضمنه من أهواله. والثالث: مفارقته إلى موضع الحشر ودار الجزاء من ثوابٍ وعقابٍ.
واللدة من وقت ولادتك كالترب، وشذ جمعه في لدين؛ يقال: هذا لدة هذا. واللدة في الأصل مصدر خص بما ذكرته لك. يقال: ولدت ولادة ولدة. وفي حديث رقيقة:«إلا وفيهم الطيب الطاهر لداته» قال الهروي: يريد موالده؛ جعل المصدر اسمًا ثم جمعه. وقال بعضهم: واللدة مختصة بالترب. فظاهر هذا أنها اسم لا مصدر. قوله تعالى:{يطوف عليهم ولدان مخلدون}[الإنسان: ١٩] قيل: هم أطفال الكفار يكونون خدم أهل الجنة. وقيل: هم خلق من خلق الجنة. وهم جمع وليدٍ. والوليد اشتهر استعماله في من قرب عهده بالولادة. قال الراغب: وإن كان في الأصل يصح لمن قرب عهده أو بعد. والوليدة مختصة في عامة كلامهم بالأمة. قلت: ومنه قول النابغة: [من البسيط]
١٨٣٨ - ضرب الوليدة بالمسحاة في الثأد
وفي حديث شريحٍ:«أن رجلًا اشترى جارية بشرط أنها مولدة، فإذا هي تليدة». قال القتيبي: التليدة: التي ولدت ببلاد العجم وحملت فنشأت ببلاء العرب. والوليدة: التي ولدت في الإسلام. قال ابن شميلٍ: هما واحد، وهما من ولد عبدك. وأثر شريحٍ يرده. وقال غيره: سمي المولد بذلك لأنه يتربى عندك تربية الأولاد. وفي الإنجيل لعيسى عليه السلام:«أنا ولدتك» بتشديد اللام، أي ربيتك. ونقلت عن بعض مشائخي أن الرشيد قال لولده: يابني تعلم العربية فإن النصارى رأوا في الإنجيل «ولدتك» بالتشديد فخففوها بجهلهم فكفروا أجمعون. والمولد من الكلام ما استحدث. والمولد من الشعر ما كان من الإسلاميين، والمخضرم من أدرك الجاهلية والإسلام.