للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى. والمعنى: لا أقسم بها} وأنت حل {بها، أي لا يعظمونك حق تعظيمك، ولا يحترمونك حق حرمتك، فأنت كالحلال. وذلك تعظيم له من ربه عز وجل وقيل: معناه وعده بفتحها عليه. وقد أتقنا هذا في غير هذا الموضوع.

وقوله:} رب اجعل هذا بلدًا آمنًا {[البقرة: ١٢٦] يعني مكة. وقال في موضعٍ آخر:} وهذا البلد الأمين {[التين: ٣]، فأتى بمكة معرفًا ومنكرًا، فقيل: إنه في حال التنكير لم يكن بلدًا بل كان بريًة، فقال:} اجعل {في هذا المكان القفر بلدًا من بلدان الناس يسكنونه لعمارةٍ حرمك وزيارة نبيك. وفي حال التعريف كان قد صار بلدًا وسكنى، فأتى به معرفًا. وقيل: لأنه عليه الصلاة والسلام علم أن يكون به سكن الناس فأتى به كالشاهد.

وسمي البلد بلدًا لتأثره بسكانه واجتماع قطانه وإقامتهم فيه. والبلد هو المكان المحدود، وغالبًا يكون مسورًا وقد لا يكون.

وقوله:} والبلد الطيب {[الأعراف: ٥٨] المراد به الأرض من غير نظرٍ إلى تدبر أحدٍ فيها. وقيل: كني بذلك عن الأنفس الزكية، وبعكسه عن الأنفس الخبيثة. ولاعتبار الأثر في البلد قيل: في جلده بلد أي أثر. ويجمع على أبلاد. قال الشاعر: [من البسيط]

١٩١ - وفي النجوم كلوم ذات أبلاد

فرقًا بينه وبين المكان، فإنه جمعه بلاد، كقوله تعالى:} الذين طغوا في البلاد {[الفجر: ١١] وبلدان.

وأبلد الرجل: صار ذا بلد كأنجد وأتهم. وبلد بالكسر: لزم البلاد. ولما كان الملازم لوطنه كثيرًا ما يتحير إذا حصل في غير موطنه، قيل: بلد فلان أي تحير في أمره، وأبلد وتبلد بمعناه قال الشاعر: [من الطويل]

<<  <  ج: ص:  >  >>