من البلاغ فلتبلغ عنا" أراد من المبالغة في التبليغ. يقال: بالغ يبالغ مبالغًة فهو مبالغ أي اجتهد. ويروي "من البلاغ" بفتح الباء على معنى أن البلاغ ما بلغ من القرآن والسنن. وقيل: تقديره من ذوي البلاغ، أي الذين بلغونا، أي من ذوي التبليغ، فأقام الاسم مقام المصدر الحقيقي، كما تقول: أعطيته عطاًء، وبكسرها على أنه مصدر بالغ نحو: قاتل قتالاً. وقالت عائشة لعلي رضي الله عنهما يوم الجمل: "لقد بلغت منا البلغين" قال أبو عبيدة: هي مثل قولهم: لكيت منه البرحين، وبنات برحٍ أي الدواهي.
ب ل و:
يقال: بلوته أي اختبرته، يبكون في الخير والشر. قال تعالى:} ونبلوكم بالشر والخير فتنة {[الأنبياء: ٣٥]. ويقال: ابتليته كبلوته. قال تعالى:} وابتلوا اليتامى {[النساء: ٦]} وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلماتٍ {[البقرة: ١٢٤] أي اختبره.
وقوله تعالى:} وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم {[البقرة: ٤٩] قيل: معناه نعمة، ومنه قوله تعالى:} وليبلى المؤمنين منه بلاًء حسنًا {[الأنفال: ١٧]. قال أبو الهيثم: البلاء يكون حسنًا ييكون سيئًا. وأصله المحنة، والله تعالى يبتلي عبده بالصنع الجميل ليمتحن شكره ويبلوه بالبلوى التي يكرهها ليمتحن صبره.
وفي حديث حذيفة، وقد تدافعوا للصلاة: "لتبتلن لها إمامًا أو لتصلن وحدانًا" أي لتختارن. وجعل الراغب معنى هذه المادة من معنى البلاء، وذكره في مادة ب ل ي. فقال: يقال: بلى الثوب بلى وبلاًء أي خلق. وبلوته: اختبرته كأني أخلقته من كثرة اختباري له.