والحسب للرجل ولآبائه مأخوذٌ من الحساب إذا حسبوا مناقبهم، وذلك أنهم إذا تفاخروا عد كل واحد منهم مناقبه ومآثر آبائه وحسبها؛ فالحسب: العد، الحسب: المعدود نحو: النقص والمنقوص والعد والمعدود. وللحسب معنى آخر وهو: عدد ذوي قرابته، سمي حسبًا لكثرة عدده. قال: ويبين ذلك الحديث: «لما قدم وفد هوازن يتكلمون في سبيهم قال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: اختاروا إحدى الطائفتين: إما المال وإما السبي. فقالوا: أما إذا خيرتنا بين المال والحسب فإنا نختار الحسب، فاختاروا أبناءهم ونساءهم».
والحسبانة: الوسادة الصغيرة؛ حسبت الرجل: أجلسته عليها، وحسبوا ضيفهم: أكرموه، من ذلك. والحسب: الخلق ومنه الحديث: «كرم الرجل دينه وحسبه خلقه». أي أن خلقه بمنزلة حسبه من قرابته؛ فإن كان حسنًا زانه وإن كان سيئًا شانه.
والمشهور أن حسب يرادف الظن في أحد وجهيها وهو الغالب. وقد أبدى الراغب بينهما فرقًا فقال. وقوله تعالى:{أم حسبتم أن تدخلوا الجنة}[البقرة: ٢١٤] مصدره الحسبان، وهو أن يحكم لأحد النقيضين من غير أن يخطر الآخر بباله فيحسبه ويعقد عليه الأصبع ويكون بعرض أن يعتريه شكٌ. ويقاربه الظن لكن الظن أن يخطر النقيضين فيغلب أحدهما على الآخر.
وقوله تعالى:{ويرزقه من حيث لا يحتسب}[الطلاق: ٣] قيل: هو افتعالٌ من حسب بمعنى ظن، والمعنى من حيث لا يقدره ولا يظنه. وقيل: بل هو من حسب بمعنى العد، والمعنى: من حيث لم يكن في حسبانه.
وقوله تعالى:{حسبك الله ومن اتبعك}[الأنفال: ٦٤] أي كافيك. يقال: أحسبني كذا: كفاني. وأحسبته: أعطيته عطاء حتى قال: حسبي، ومنه {حسابًا}[النبأ: ٣٦]. وفي قوله:{ومن اتبعك} أوجه؛ أحدها: أنه عطفٌ على الضمير المجرور أي وحسب من اتبعك، والبصري يمنع هذا. والثاني: أن تقديره: وفيمن اتبعك كفايةٌ إذا