وكان من قال بالوجهين الأولين فسر من هذا، لأنه قال: لا يلزم أن يكون المؤمنون كافين لرسول الله -صلى الله عليه وسلم -، وليس الأمر كذلك. وجواب هذا أن الله هو الذي جعل المؤمنين يكفونه أمر عدوه؛ فلا محذور في كونهم كافين ويكون في المعنى لقوله:{هو الذي أيدك بنصر وبالمؤمنين}[الأنفال: ٦٢]، وقد أتقنا ذلك في «الدر» وغيره. وقوله:{كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا}[الأسراء: ١٤] أي كفى بنفسك لنفسك محاسبًا.
ح س د:
قال تعالى:{ومن شر حاسد إذا حسد}[الفلق: ٥] قال ابن عرفة: الحسد أن يتمنى زوال نعمة أخيه وكونها له دونه، والغبط: أن يتمنى مثلها له من غير زوالها عنه. وقيل: الحسد تمني زوال النعمة، وربما يكون مع ذلك سعيٌ في إزالتها. وقال بان الأعرابي: الحسد مأخوذ من الحسد وهو القراد، والمعنى أنه يقشر القلب كما تقشر القراد الجلد وتمتص الدم.
والحسد مذمومٌ والغبط محمودٌ، وكذلك جاء في الحديث:«المنافق يحسد والمؤمن يغبط». فأما قوله عليه الصلاة والسلام:«لا حسد إلا في اثنتين» فمجازٍ، والمعنى: لا حسد لا يضر، قاله ابن الأنباري. وقولهم: لا أعدم الله لك حاسدًا، كنايةٌ له بالنعمة إذ لا يحسد إلا ذو نعمةٍ.
ح س ر:
قوله تعالى:{محسورًا}[الإسراء: ٢٩] أي منقطعًا بك، من قولهم: بعيرٌ حسيرٌ أي معيا قد انقطع عن الانبعاث لعيه وكلاله. وأصل الحسر: كشف اللبس عما عليه. حسر عن ذراعه، وحسر شعره. والحاسر: من لا درع عليه، ومنه حديث أبي عبيدة:«كان على الحسر»؛ الحسر جمع حاسرٍ. والحسرة المكنسة. وفلانٌ كريم المحسر كنايةٌ عن