للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {إن ربك أحاط بالناس} [الإسراء:٦٠] أي: حافظهم وجامعهم لا يفوتونه. وقوله: {أحاط بكل شيء علمًا} [الطلاق:١٢] أي: أحاط علمه به فلا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء. وفي قوله {وأحاطت به خطيئته} [البقرة: ٨١] (وخطيئاته) فيه أبلغ استعارةٍ؛ وذلك أن العبد إذا ارتكب ذنبًا واستمر عليه استجره ذلك الذنب إلى ما هو أكبر منه، فلا يزال يرتقي حتى يطبع على قلبه فلا يمكنه أن يخرج عن تعاطيه.

والاحتياط: افتعال من الحوط، وهو استعمال الحياطة أي الحفظ. وإحاطة علمه تعالى بالأشياء هو أن يعلم وجودها وقدرها وجنسها وصفتها، وكيفيتها وغرضها المقصود بها ويإيجادها وما يكون منها، وهذا ليس إلا الله تعالى، ولذلك قال: {بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه} [يونس: ٣٩] و {ولا يحيطون به علمًا} [طه: ١١٠]. وحكايته تعالى عن الخضر {وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرًا} [الكهف: ٦٨] تنبيه على أن الصبر التام إنما يقع بعد إحاطة العلم بالشيء بفيض إلهي.

وقوله: {وظنوا أنهم أحيط بهم} [يونس: ٢٢] أي هلكوا، وهو من إحاطة القدرة.

والحائط: الجدار، وأصله اسم فاعل من: حاط يحوط، فنسب إلى الجدار مجازًا. وقوله: {عذاب يوم محيط} [هود: ٨٤] قيل: هو يوم القيامة لأنه يجمع العالم كله لقوله تعالى: {ذلك يوم مجموع له الناس} [هود: ١٠٣]. وأصل محيطٍ محوط؛ فأعل إعلال مقيم.

ح ول:

قوله تعالى: {يحول بين المرء وقلبه} [الأنفال: ٢٤] قيل: معناه أنه يملك عليه قلبه فيصرفه كيف شاء، إشارة إلى وصفه تعالى بقوله عليه السلام: "يا مقلب القلوب"، وهو أن يلقى في قلب الإنسان ما يصرفه عن مراده لحكمةٍ تقتضي ذلك. وعن بعضهم: عرفت الله بنقض العزائم، وقيل: معناه أن يهلكه ويرده إلى أرذل العمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>