للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشريعة وأمر الدين، لا أن يرثوا ماله كما ظنه بعض الجهال. [فالقنيات] الدنيوية عند الأولياء أخسمن أن يشفقوا عليها فضلاً من الأنبياء.

قوله: {فأوجس في نفسه خيفةً} [طه: ٦٧] قيل: الخيفة: الهيئة التي يكون عليها الإنسان من الخوف كالجلسة. وإنما أوجس ذلك على غيره لئلا يفتتن إذا رأى السحر، أو اعتراه ما يعترى البشر، ثم ثابت إليه نفسه المعصومة الشريفة، ولذلك عقبه بقوله: {قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى} [طه: ٦٨].

قوله: {واذكر ربك في نفسك تضرعًا وخيفةً} [الأعراف: ٢٠٥] أي على حالةٍ مثلك من يلازمها، إشارة إلى قوله عليه السلام: "أنا أعرفكم بالله وأخوفكم منه". قوله: {والملائكة من خيفته} [الرعد: ١٣] إشارةٌ إلى أن الخوف منهم لربهم حالةٌ لا تفارقهم. وهو أبلغ من وصفهم بمطلق الخوف، كقوله: {يخافون ربهم من فوقهم} [النحل: ٥٠] ولذلك عدل عنه في هذه الآية لما قرن بذكر تسبيح الرعد.

والتخوف: ظهور الخوف من الإنسان، كقوله تعالى: {أو يأخذهم على تخوفٍ} [النحل: ٤٧]. ولذلك عبر به عن التنقص في قولهم: تخوفه الدهر أي تنقصه. وعن عمر رضي الله عنه أنه قرأها على المنبر في حال خطبته فقال: "ما التخوف؟ " فسكتوا فقال رجلٌ: التخوف: التنقص، هذا لغتنا. وأنشد لابن مقبل: [من البسيط]

٤٧٩ - تخوف السير منها تامكًا قردًا ... كما تصوف عود النبعة السفن

أي تنقص سنامها -يعني الناقة -والتامك: السنام، والقرد: المجتمع، والسفن: آلةٌ تنحت بها الأعواد والخشب. ويحكى أن عمر قال عندها: "احفظوا ديوان العراب؛ فإن فيه تفسير كتابكم" فالمعنى أنه يأخذهم على تنقصٍ في أبدانهم وأموالهم وثمارهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>