وعمروٌ في كذا. والثاني أن يقال لاعتدال الشيء في ذاته، كقوله تعالى:{ذو مرةٍ فاستوى}[النجم: ٦]. قال الراغب: ومتى عدي بعلى اقتضى معنى الاستيلاء نحو قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى}. وقيل: معناه استوى له ما في السماوات وما في الأرض بتسويته تعالى إياه، كقوله تعالى:{ثم استوى إلى السماء فسواهن}[البقرة: ٢٩]. وقيل: معناه استوى كل شيءٍ في النسبة غليه. فلا شيء أقرب إليه من شيءٍ إذ كان تعالى ليس كالأجرام الحالة في مكان دون مكان. وإذا عدي بإلى اقتضى معنى الانتهاء إليه؛ إما بالذات أو التدبير. وعلى الثاني قوله تعالى:{ثم استوى إلى السماء وهي دخان}[فصلت: ١١].
قوله تعالى:{خلقك فسواك}[الانفطار: ٧] تسوية الشيء: جعله سواءً؛ إما في الرفعة أو الصفة. فالمعنى: جعل خلقك على ما اقتضته الحكمة. وقوله تعالى:{ونفسٍ وما سواها}[الشمس: ٧] إشارةٌ إلى القوى التي جعلها الله مقومة للنفس، فنسب إليها. وقد ذكر في غير هذا الموضع أن الفعل كما يصح أن ينسب إلى الفاعل يصح أن ينسب إلى الآلة، وسائرها يفتقر إليه نحو: سيفٌ قاطعٌ. وهذا أولى من قول من قال: إن المعنى «وما سواها» يعني به الله تعالى. قوله تعالى:{رفع سمكها فسواها}[النازعات: ٢٨] فتسويتها تتضمن بناءها وترتيبها المذكورين في قوله تعالى: {إنا زينا السماء الدنيا}[الصافات: ٦]. قوله تعالى:{بلى قادرين على أن نسوي بنانه}[القيامة: ٤] قيل: نجعل كفه كخف الجمل من غير انقباضٍ وانبساطٍ. وقيل: هو عبارةٌ عن تفاوت الأصابع واختلافها؛ فإن كونها كذلك مما يعين على الانتفاع بها. وقيل: هو عبارةٌ عن البعث والحشر، أي نردها كما كانت بعد أن كانت متفرقة.
قوله:{فتمثل لها بشرًا سويًا}[مريم: ١٧] أي كامل الخلق، لا ينكر منه شيءٌ، كما لا ينكر من الآدميين الذين تعهدهم. والسوي في الأصل يقال فيما يصان عن الإفراط والتفريط. قوله:{فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها}[الشمس: ١٤] كقوله: {فهي خاويةٌ على عروشها}[الحج: ٤٥] والمعنى أنها صارت كأرضٍ مسواة بها، ومثله:{لو تسوى بها الأرض}[النساء: ٤٢]. قيل: تسوى عليهم، أي تطم فلا يدبرون منها