للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي وَقْفٍ مِثْلِهِ فَحَسَنٌ. لِأَنَّ الْفِضَّةَ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا. أَشْبَهَ الْفَرَسَ الْحَبِيسَ إذَا عَطِبَ. وَلَا تُصْرَفُ فِي نَفَقَةِ الْفَرَسِ نَصًّا، لِأَنَّهُ صَرْفٌ لَهَا إلَى غَيْرِ جِهَتِهَا.

وَفِي الْإِقْنَاعِ تَبَعًا لِلِاخْتِيَارَاتِ: تُصْرَفُ فِي نَفَقَتِهِ. وَكَذَا لَوْ وَقَفَ حُلِيًّا وَأَطْلَقَ لَمْ يَصِحَّ.

الشَّرْطُ (الثَّانِي: كَوْنُهُ) أَيْ الْوَقْفِ (عَلَى بِرٍّ) مُسْلِمًا كَانَ الْوَاقِفُ أَوْ ذِمِّيًّا نَصًّا (كَ) الْوَقْفِ عَلَى (الْمَسَاكِينِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ وَالْأَقَارِبِ) لِأَنَّهُ شُرِعَ لِتَحْصِيلِ الثَّوَابِ. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى بِرٍّ لَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُهُ الَّذِي شُرِعَ لِأَجْلِهِ. فَلَا يَصِحُّ عَلَى طَائِفَةِ الْأَغْنِيَاءِ. وَلَا عَلَى طَائِفَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَلَا عَلَى صِنْفٍ مِنْهُمْ (وَيَصِحُّ مِنْ ذِمِّيٍّ عَلَى مُسْلِمٍ مُعَيَّنٍ) أَوْ طَائِفَةٍ. كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ (وَعَكْسِهِ) أَيْ وَيَصِحُّ مِنْ مُسْلِمٍ عَلَى ذِمِّيٍّ مُعَيَّنٍ، لِمَا رُوِيَ " أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيِّ زَوْجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَتْ عَلَى أَخٍ لَهَا يَهُودِيٍّ " وَلِأَنَّهُ مَوْضِعٌ لِلْقُرْبَةِ لِجَوَازِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِ (وَلَوْ) كَانَ الذِّمِّيُّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (أَجْنَبِيًّا) مِنْ الْوَاقِفِ (وَيَسْتَمِرُّ) الْوَقْفُ (لَهُ) أَيْ الذِّمِّيِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (إذَا أَسْلَمَ وَيَلْغُو شَرْطُهُ) أَيْ الْوَاقِفِ (مَا دَامَ كَذَلِكَ) أَيْ ذِمِّيًّا لِئَلَّا يَخْرُجَ الْوَقْفُ عَنْ كَوْنِهِ قُرْبَةً.

وَ (لَا) يَصِحُّ الْوَقْفُ (عَلَى كَنَائِسَ) جَمْعُ كَنِيسَةٍ مُتَعَبَّدِ الْيَهُودِ أَوْ النَّصَارَى أَوْ الْكُفَّارِ. قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ (أَوْ) عَلَى (بُيُوتِ نَارٍ) تَعْبُدُهَا الْمَجُوسُ (أَوْ) عَلَى (بِيَعٍ) جَمْعُ بِيعَةٍ بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مُتَعَبَّدِ النَّصَارَى (وَنَحْوِهَا) كَصَوَامِعِ الرُّهْبَانِ (وَلَوْ) كَانَ الْوَقْفُ عَلَيْهَا (مِنْ ذِمِّيٍّ) لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ وَإِعَانَةٌ لَهُمْ عَلَى إظْهَارِ الْكُفْرِ، بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى ذِمِّيٍّ مُعَيَّنٍ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ كَوْنُ الْوَاقِفِ عَلَيْهِ لِأَجْلِ دِينِهِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ لِفَقْرِهِ أَوْ قَرَابَتِهِ وَنَحْوِهِمَا. وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ فِيهِ سَوَاءٌ.

قَالَ أَحْمَدُ فِي نَصَارَى وَقَفُوا عَلَى الْبِيعَةِ ضِيَاعًا كَثِيرَةً وَمَاتُوا وَلَهُمْ أَبْنَاءٌ نَصَارَى فَأَسْلَمُوا وَالضِّيَاعُ بِيَدِ النَّصَارَى: فَلَهُمْ أَخْذُهَا وَلِلْمُسْلِمِينَ عَوْنُهُمْ حَتَّى يَسْتَخْرِجُوهَا مِنْ أَيْدِيهمْ. وَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ أَيْضًا عَلَى مَنْ يَعْمُرُهَا لِأَنَّهُ يُرَادُ لِتَعْظِيمِهَا (بَلْ) يَصِحُّ الْوَقْفُ (عَلَى الْمَارِّ بِهَا مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ) لِجَوَازِ الصَّدَقَةِ عَلَى الْمُجْتَازِينَ وَصَلَاحِيَّتِهِمْ لِلْقُرْبَةِ، فَإِنْ خُصَّ أَهْلُ الذِّمَّةِ بِوَقْفٍ عَلَى الْمَارَّةِ مِنْهُمْ لَمْ يَصِحَّ. قَالَهُ الْحَارِثِيُّ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ فِي شَرْحِهِ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ

(وَلَا) يَصِحُّ الْوَقْفُ (عَلَى كُتُبِ) أَيْ كِتَابَةِ (التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ) أَوْ كِتَابَةِ شَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ، لِكَوْنِهَا مَنْسُوخَةً مُبَدَّلَةً. وَلِذَلِكَ «غَضِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَأَى مَعَ عُمَرَ صَحِيفَةً فِيهَا شَيْءٌ مِنْ التَّوْرَاةِ وَقَالَ: أَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ أَلَمْ آتِ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً؟ لَوْ كَانَ أَخِي مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إلَّا اتِّبَاعِي»

<<  <  ج: ص:  >  >>