للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِنْصَافِ: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَفِيهِ مَصْلَحَةٌ عَظِيمَةٌ وَتَرْغِيبٌ فِي فِعْلِ الْخَيْرِ. وَهُوَ مِنْ مَحَاسِنِ الْمَذْهَبِ.

وَفِي الْفُرُوعِ: وَمَتَى حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَنْفُذُ حُكْمُهُ ظَاهِرًا. وَإِنْ كَانَ فِيهِ فِي الْبَاطِنِ الْخِلَافُ

(وَإِنْ وَقَفَ) شَيْئًا (عَلَى غَيْرِهِ وَاسْتَثْنَى غَلَّتَهُ) كُلَّهَا (أَوْ) اسْتَثْنَى (بَعْضَهَا لَهُ) أَيْ الْوَاقِفِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ أَوْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً صَحَّ (أَوْ) اسْتَثْنَى غَلَّتَهُ أَوْ بَعْضَهَا (لِوَلَدِهِ) أَيْ الْوَاقِفِ كَذَلِكَ صَحَّ (أَوْ) اسْتَثْنَى (الْأَكْلَ) مِنْهُ (أَوْ) اسْتَثْنَى (الِانْتِفَاعَ) لِنَفْسِهِ (أَوْ لِأَهْلِهِ أَوْ) اشْتَرَطَ أَنَّهُ (يُطْعِمُ صَدِيقَهُ) مِنْهُ (مُدَّةَ حَيَاتِهِ أَوْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً صَحَّ) الْوَقْفُ وَالشَّرْطُ. احْتَجَّ أَحْمَدُ بِمَا رُوِيَ عَنْ حُجْرٌ الْمَدَرِيِّ «إنَّ فِي صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْكُلَ أَهْلُهُ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ غَيْرِ الْمُنْكَرِ» وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضًا قَوْلُ عُمَرَ لَمَّا وَقَفَ " لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ " وَكَانَ الْوَقْفُ فِي يَدِهِ إلَى أَنْ مَاتَ، ثُمَّ بِنْتِهِ حَفْصَةَ ثُمَّ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَقَفَ وَقْفًا عَامًّا كَالْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ وَالْمَقَابِرِ كَانَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ. فَكَذَا هُنَا (فَلَوْ مَاتَ) مَنْ اسْتَثْنَى نَفْعَ مَا وَقَفَهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً (فِي أَثْنَائِهَا فَ) الْبَاقِي مِنْهَا (لِوَرَثَتِهِ) كَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا وَاسْتَثْنَى سُكْنَاهَا سَنَةً ثُمَّ مَاتَ فِيهَا (وَتَصِحُّ إجَارَتُهَا) أَيْ الْمُدَّةِ الْمُسْتَثْنَى النَّفْعُ فِيهَا مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. وَغَيْرِهِ كَالْمُسْتَثْنَى فِي الْبَيْعِ قُلْتُ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ صِحَّةُ إجَارَةِ مَا شَرَطَ سُكْنَاهَا لِنَحْوِ بَيْتِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ خَطِيبٍ أَوْ إمَامٍ

(وَمَنْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَافْتَقَرَ تَنَاوَلَ) أَيْ جَازَ لَهُ التَّنَاوُلُ (مِنْهُ) لِوُجُودِ الْوَصْفِ الَّذِي هُوَ الْفَقْرُ فِيهِ

(وَلَوْ وَقَفَ مَسْجِدًا أَوْ مَقْبَرَةً أَوْ بِئْرًا أَوْ مَدْرَسَةً لِلْفُقَهَاءِ أَوْ لِبَعْضِهِمْ) أَيْ نَوْعٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ كَالْحَنَابِلَةِ أَوْ الشَّافِعِيَّةِ (أَوْ) وَقَفَ (رِبَاطًا لِلصُّوفِيَّةِ) وَنَحْوَهُ (مِمَّا يَعُمُّ فَهُوَ) أَيْ الْوَاقِفُ (كَغَيْرِهِ) فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ لِمَا رُوِيَ " أَنَّ عُثْمَانَ سَبَّلَ بِئْرَ رُومَةَ وَكَانَ دَلْوُهُ فِيهَا كَدِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ " وَالصُّوفِيُّ الْمُتَبَتِّلُ لِلْعِبَادَةِ وَتَصْفِيَةِ النَّفْسِ مِنْ الْأَخْلَاقِ الْمَذْمُومَةِ. وَتُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَمُلَازَمَةُ غَالِبِ الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ فِي غَالِبِ الْأَوْقَاتِ قَوْلًا وَفِعْلًا. وَأَنْ يَكُونَ قَانِعًا بِالْكِفَايَةِ مِنْ الرِّزْقِ بِحَيْثُ لَا يُمْسِكُ مَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ، لَا لُبْسُ خِرْقَةٍ أَوْ لُزُومُ شَكْلٍ مَخْصُوصٍ فِي اللِّبْسَةِ وَنَحْوِهَا. ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ

الشَّرْطُ (الثَّالِثُ: كَوْنُهُ) أَيْ الْوَقْفِ (عَلَى مُعَيَّنٍ) مِنْ جِهَةٍ أَوْ شَخْصٍ (يَمْلِكُ) مِلْكًا (ثَابِتًا) كَزَيْدٍ أَوْ مَسْجِدِ كَذَا. لِأَنَّ الْوَقْفَ تَمْلِيكٌ. فَلَا يَصِحُّ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْهِبَةِ. وَلِأَنَّ الْوَقْفَ يَقْتَضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>