للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا يُحْتَاجُ لِمُضِيِّ زَمَنٍ يَتَأَتَّى قَبْضُهُ فِيهِ لِأَنَّ الْقَبْضَ مُسْتَدَامٌ فَأَغْنَى عَنْ الِابْتِدَاءِ

وَتَبْطُلُ هِبَةٌ بِمَوْتِ مُتَّهِبٍ بَعْدَ عَقْدٍ وَقَبْلَ قَبْضٍ لِأَنَّ الْقَبْضَ مِنْهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْقَبُولِ فَإِذَا مَاتَ قَبْلَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ كَمَا إذَا مَاتَ مَنْ أُوجِبَ لَهُ بَيْعٌ قَبْلَ قَبُولِهِ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُحَرَّرِ فَلَوْ أَنْفَذَهَا أَيْ: الْهِبَةَ وَاهِبٌ مَعَ رَسُولِهِ أَيْ: الْوَاهِبِ ثُمَّ مَاتَ مَوْهُوبٌ لَهُ أَيْ: الْمُرْسَلُ إلَيْهِ قَبْلَ وُصُولِهَا بَطَلَتْ الْهِبَةُ بِمَوْتِهِ لِحَدِيثِ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَتْ «لَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَ لَهَا إنِّي قَدْ أَهْدَيْتُ إلَى النَّجَاشِيِّ حُلَّةً وَأَوَاقِيَ مِسْكٍ وَلَا أَرَى النَّجَاشِيَّ إلَّا قَدْ مَاتَ وَلَا أَرَى هَدِيَّتِي إلَّا مَرْدُودَةً عَلَيَّ فَإِنْ رُدَّتْ فَهِيَ لَكِ قَالَتْ فَكَانَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُدَّتْ إلَيْهِ هَدِيَّتُهُ فَأَعْطَى كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ أُوقِيَّةً مِنْ مِسْكٍ وَأَعْطَى أُمَّ سَلَمَةَ بَقِيَّةَ الْمِسْكِ وَالْحُلَّةَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَكَذَا لَوْ مَاتَ وَاهِبٌ وَمَتَى بَلَّغَ الرَّسُولُ مَوْتَهُ أَيْ: مَوْتَ الْوَاهِبِ فِي أَثْنَاءِ طَرِيقٍ فَلَيْسَ لَهُ حَمْلُهَا إلَى الْمُهْدَى إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْوَارِثُ وَهِيَ ابْتِدَاءُ هِبَةٍ مِنْهُ لِبُطْلَانِ الْهِبَةِ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ قَبْلَ الْقَبُولِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتِمَّ وَلَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ إنْ كَانَتْ مَعَ رَسُولٍ مَوْهُوبٍ لَهُ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا لِأَنَّ قَبْضَ رَسُولِ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَقَبْضِهِ فَيَكُونُ الْمَوْتُ بَعْدَ لُزُومِهَا بِالْقَبْضِ فَلَا يُؤَثِّرُ

وَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ لِحَمْلٍ لِأَنَّ تَمْلِيكَهُ تَعْلِيقٌ عَلَى خُرُوجِهِ حَيًّا وَالْهِبَةُ لَا تَقْبَلُ التَّعْلِيقَ

(وَيَقْبَلُ وَيَقْبِضُ لِصَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ) وَسَفِيهٍ وُهِبَ لَهُمْ شَيْءٌ (وَلِيٌّ) وَهُوَ أَبٌ أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ الْحَاكِمُ أَوْ أَمِينُهُ لِأَنَّهُ قَبُولٌ لِلْمَحْجُورِ فِيهِ حَظٌّ فَكَانَ إلَى الْوَلِيِّ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَإِنْ عُدِمَ الْوَلِيُّ فَمَنْ يَلِيهِ لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ لِئَلَّا يَضِيعَ وَتَهْلَكَ وَيَصِحُّ مِنْ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ قَبْضُ مَأْكُولٍ يُدْفَعُ مِثْلُهُ لِلصَّغِيرِ

فَإِنْ وَهَبَ هُوَ أَيْ: الْوَلِيُّ لِمُوَلِّيهِ وَكَّلَ مَنْ يَقْبَلُ لَهُ الْهِبَةَ مِنْهُ إنْ كَانَ غَيْرَ الْأَبِ وَيَقْبِضُ هُوَ قَالَ فِي الْمُغْنِي وَإِنْ كَانَ الْوَاهِبُ لِلصَّبِيِّ غَيْرَ الْأَبِ مِنْ أَوْلِيَائِهِ فَقَالَ أَصْحَابُنَا لَا بُدَّ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْبَلُ لِلصَّبِيِّ وَيَقْبِضُ لَهُ فَيَكُونُ الْإِيجَابُ مِنْهُ وَالْقَبُولُ وَالْقَبْضُ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَلَا يَحْتَاجُ أَبٌ وَهَبَ مُوَلِّيَهُ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ إلَى تَوْكِيلٍ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ لِنَفْسِهِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ وَصَحَّحَ فِي الْمُغْنِي أَنَّ الْأَبَ وَغَيْرَهُ فِي هَذَا سَوَاءٌ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ هُنَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ يَصْدُرُ مِنْهُ وَمِنْ وَكِيلِهِ فَجَازَ لَهُ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْهِ كَالْأَبِ وَصَرِيحُ كَلَامِ الْمُغْنِي وَالْإِنْصَافِ أَنَّ تَوْكِيلَ غَيْرِ الْأَبِ يَكُونُ فِي الْقَبُولِ وَالْقَبْضِ وَظَاهِرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>