للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَلِكَ النَّمَاءُ وَالْفِطْرَةُ

فَيَصِحُّ تَصَرُّفُ مَوْهُوبٍ لَهُ فِي الْهِبَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ قَبْضٍ عَلَى الْمَذْهَبِ نَصَّ عَلَيْهِ وَالنَّمَاءُ لِلْمُتَّهِبِ قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمَبِيعُ بِخِيَارٍ لَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ زَمَنَهُ فَهُنَا أَوْلَى وَلِعَدَمِ تَمَامِ الْمِلْكِ

وَتَصِحُّ هِبَةٌ وَتَمَلُّكٌ بِمُعَاطَاةٍ بِفِعْلٍ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُهْدِي وَيُهْدَى إلَيْهِ وَيُعْطِي وَيُعْطَى لَهُ وَأَصْحَابُهُ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ لَفْظُ إيجَابٍ وَلَا قَبُولٍ وَلَا أَمْرٍ بِهِ وَلَا بِتَعْلِيمِهِ لِأَحَدٍ وَلَوْ وَقَعَ لَنُقِلَ نَقْلًا مَشْهُورًا «وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى بَعِيرٍ لِعُمَرَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ بِعْنِيهِ فَقَالَ هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَاصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ وَلَمْ يُنْقَلْ قَبُولُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عُمَرَ وَلَا قَبُولُ ابْنِ عُمَرَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» وَلِأَنَّ دَلَالَةَ الرِّضَا بِنَقْلِ الْمِلْكِ تَقُومُ مَقَامَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَتَجْهِيزُ بِنْتِهِ بِجِهَازٍ إلَى بَيْتِ زَوْجِهَا تَمْلِيكٌ لِوُجُودِ الْمُعَاطَاةِ بِالْفِعْلِ وَهِيَ أَيْ: الْهِبَةُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ فِي تَرَاخِي قَبُولٍ عَنْ إيجَابٍ وَفِي تَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ وَفِي غَيْرِهِمَا كَاسْتِثْنَاءِ وَاهِبٍ نَفْعَ مَوْهُوبٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَبَيْعٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ.

(وَ) يَحْصُلُ قَبُولٌ هُنَا وَفِي وَصِيَّةٍ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ دَالٍّ عَلَى الرِّضَا لِمَا تَقَدَّمَ

وَقَبْضُهَا أَيْ: الْهِبَةُ كَ قَبْضِ مَبِيعٍ فَفِي مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ مَعْدُودٍ أَوْ مَذْرُوعٍ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ زَرْعٍ وَفِيمَا يُنْقَلُ بِنَقْلِهِ وَمَا يُتَنَاوَلُ بِتَنَاوُلِهِ وَمَا عَدَاهُ بِالتَّخْلِيَةِ وَلَا يَصِحُّ قَبْضُ هِبَةٍ إلَّا بِإِذْنِ وَاهِبٍ فِيهِ لِأَنَّهُ قَبْضٌ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ عَلَى وَاهِبٍ فَلَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَأَصْلِ الْعَقْدِ وَكَالرَّهْنِ

وَلَهُ أَيْ: الْوَاهِبِ الرُّجُوعُ فِي هِبَتِهِ وَفِي إذْنٍ فِي قَبْضِهَا قَبْلَهُ أَيْ: الْقَبْضِ وَلَوْ بَعْدَ تَصَرُّفِ مُتَّهِبٍ

وَيَبْطُلُ إذْنُ وَاهِبٍ فِي قَبْضِ هِبَةٍ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا أَيْ: الْوَاهِبِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ كَالْوَكَالَةِ وَإِنْ مَاتَ وَاهِبٌ قَبْلَ قَبْضِ هِبَتِهِ وَقَدْ أَذِنَ فِيهِ أَوَّلًا فَوَارِثُهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي إذْنٍ فِي قَبْضٍ وَفِي رُجُوعٍ فِي هِبَتِهِ لِأَنَّ عَقْدَ الْهِبَةِ يَئُولَ إلَى اللُّزُومِ كَالرَّهْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ خِيَارٌ بِخِلَافٍ نَحْوِ الْوَكَالَةِ

وَتَلْزَمُ هِبَةٌ بِقَبْضٍ بِإِذْنِ وَاهِبٍ لِقَوْلِ الصِّدِّيقِ لِعَائِشَةَ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ يَا بُنَيَّةُ إنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ جُذَاذَ عِشْرِينَ وُسْقًا وَلَوْ كُنْتِ جَذَذْتِيهِ وَحُزْتِيهِ كَانَ لَكِ وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ الْوَارِثِ فَاقْتَسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَلِقَوْلِ عُمَرَ لَا نِحْلَةَ إلَّا نِحْلَةٌ يُجَوِّزُهَا الْوَلَدُ دُونَ الْوَالِدِ وَكَالطَّعَامِ الْمَأْذُونِ فِي أَكْلِهِ كَمَا تَلْزَمُ الْهِبَةُ بِعَقْدٍ فِيمَا بِيَدِ مُتَّهِبٍ أَمَانَةً كَوَدِيعَةٍ أَوْ مَضْمُونَةً كَعَارِيَّةٍ وَغَصْبٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>