للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُحَرَّمِ عَلَى خِدْمَتِهِ فِيهِ وَفِي رَجَبٍ أَوْ عَلَى خِيَاطَةِ ثَوْبٍ أَوْ بِنَاءِ حَائِطٍ عَيَّنَهُمَا. فَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ أَوْ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَمْ تَصِحَّ ; لِأَنَّهُ نَجْمٌ وَاحِدٌ. وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْكِتَابَةِ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: ٣٣] وَحَدِيثِ بَرِيرَةَ وَحَدِيثِ «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ دِرْهَمٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (وَلَا يُشْتَرَطُ) لِكِتَابَةٍ (أَجَلٌ لَهُ وَقَعَ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ فِيهِ) فَيَصِحُّ تَوْقِيتُ النَّجْمَيْنِ بِسَاعَتَيْنِ. قَالَ فِي شَرْحِهِ فِي الْأَصَحِّ.

وَفِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ الصِّحَّةُ وَلَكِنَّ الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قِيَاسًا عَلَى السَّلَمِ لَكِنَّ السَّلَمَ أَضْيَقُ وَجَزَمَ بِالثَّانِي فِي الْإِقْنَاعِ

(وَتَصِحُّ) الْكِتَابَةُ (عَلَى خِدْمَةٍ مُفْرَدَةٍ) كَأَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى أَنْ يَخْدُمَهُ رَجَبَ وَشَعْبَانَ (أَوْ) عَلَى خِدْمَةٍ (مَعَهَا مَالٌ إنْ كَانَ) الْمَالُ (مُؤَجَّلًا وَلَوْ أَثْنَائِهَا) أَيْ: مُدَّةِ الْخِدْمَةِ كَأَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ وَدِينَارٍ يُؤَدِّيه فِي أَثْنَائِهِ وَآخِرِهِ وَإِذَا لَمْ يُسَمِّ الشَّهْرَ كَانَ عَقِبَ الْعَقْدِ كَالْإِجَارَةِ فِي قَوْلٍ. وَإِنْ عَيَّنَ الشَّهْرَ صَحَّ. وَلَوْ اتَّصَلَ بِالْعَقْدِ ; لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الْحُلُولِ فِي غَيْرِ الْخِدْمَةِ لِلْعَجْزِ عَنْهُ فِي الْحَالِ بِخِلَافِهَا. وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَجَلُ الدِّينَارِ قَبْلَ الْخِدْمَةِ إنْ لَمْ تَتَّصِلْ بِالْعَقْدِ كَأَنْ يُكَاتِبَهُ فِي الْمُحَرَّمِ عَلَى دِينَارٍ إلَى صَفَرٍ وَعَلَى خِدْمَتِهِ رَجَبٍ. وَإِنْ جَعَلَ مَحَلَّهُ نِصْفَ رَجَبٍ أَوْ انْقِضَاءَهُ صَحَّ كَمَا تَقَدَّمَ ; لِأَنَّ الْخِدْمَةَ بِمَنْزِلَةِ الْعِوَضِ الْحَاصِلِ فِي ابْتِدَاءِ مُدَّتِهَا فَيَكُونُ مَحَلُّهَا غَيْرَ مَحَلِّ الدِّينَارِ

(وَتُسَنُّ) الْكِتَابَةُ (لِمَنْ) أَيْ: رَقِيقٍ (عَلِمَ فِيهِ خَيْرًا) لِلْآيَةِ (وَهُوَ) أَيْ: الْخَيْرُ (الْكَسْبُ وَالْأَمَانَةُ) قَالَ أَحْمَدُ: الْخَيْرُ صِدْقٌ وَصَلَاحٌ وَوَفَاءٌ بِمَالِ الْكِتَابَةِ. وَنَحْوِهِ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَغَيْرِهِمَا وَإِنْ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُهُمْ فِي ذَلِكَ. وَالْآيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى النَّدْبِ لِحَدِيثِ «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» وَلِأَنَّهُ دُعَاءٌ إلَى إزَالَةِ مِلْكِهِ بِعِوَضٍ فَلَمْ يُجْبَرْ السَّيِّدُ عَلَيْهِ كَالْبَيْعِ

(وَتُكْرَهُ) الْكِتَابَةُ (لِمَنْ لَا كَسْبَ لَهُ) لِئَلَّا يَصِيرَ كَلًّا عَلَى النَّاسِ وَيَحْتَاجَ إلَى الْمَسْأَلَةِ

(وَتَصِحُّ) الْكِتَابَةُ (لِمُبَعَّضٍ) بِأَنْ يُكَاتِبَ السَّيِّدُ بَعْضَ عَبْدِهِ مَعَ حُرِّيَّةِ بَعْضِهِ.

(وَ) تَصِحُّ كِتَابَةُ رَقِيقٍ (مُمَيِّزٍ) ; لِأَنَّهُ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ وَبَيْعُهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَصَحَّتْ كِتَابَتُهُ كَالْمُكَلَّفِ. وَإِيجَابُ سَيِّدِهِ الْكِتَابَةَ لَهُ إذْنٌ لَهُ فِي قَبُولِهَا بِخِلَافِ الطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ لَكِنْ يُعْتَقَانِ بِالتَّعْلِيقِ، إنْ عَلَّقَ عِتْقَهُمَا عَلَى الْأَدَاءِ صَرِيحًا. وَ (لَا) تَصِحُّ الْكِتَابَةُ (مِنْهُ) أَيْ: الْمُمَيِّزِ بِأَنْ يُكَاتِبَ مُمَيِّزٌ رَقِيقَهُ (إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) ; لِأَنَّهَا تَصَرُّفٌ فِي الْمَالِ فَلَمْ يَصِحَّ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>