الْمُمَيِّزِ إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ كَالْبَيْعِ
(وَلَا) تَصِحُّ كِتَابَةٌ (مِنْ) سَيِّدٍ (غَيْرِ جَائِزِ التَّصَرُّفِ) كَسَفِيهٍ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ كَالْبَيْعِ (وَلَا) أَيْ: وَلَا تَصِحُّ كِتَابَةٌ (بِغَيْرِ قَوْلٍ) ; لِأَنَّ الْمُعَاطَاةَ لَا تَمَكُّنَ فِيهَا صَرِيحًا (وَتَنْعَقِدُ) الْكِتَابَةُ (بِ) قَوْلِ سَيِّدٍ لِرَقِيقِهِ (كَاتَبْتُك عَلَى كَذَا مَعَ قَبُولِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ الْكِتَابَةَ. لِأَنَّهُ لَفْظُهَا الْمَوْضُوعُ لَهَا فَانْعَقَدَتْ بِمُجَرَّدِهِ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ) السَّيِّدُ لِرَقِيقِهِ (فَإِذَا أَدَّيْتَ) إلَيَّ مَا كَاتَبْتُك عَلَيْهِ (فَأَنْتَ حُرٌّ) ; لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ مُوجِبُ عَقْدِ الْكِتَابَةِ. فَتَثْبُتُ عِنْدَ تَمَامِهِ كَسَائِرِ أَحْكَامِهِ، وَلِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدٌ وُضِعَ لِلْعِتْقِ بِالْأَدَاءِ، فَلَمْ تَحْتَجْ إلَى لَفْظِ الْعِتْقِ كَالتَّدْبِيرِ وَإِطْلَاقُ الْكِتَابَةِ عَلَى الْمُخَارَجَةِ لَيْسَ بِمَشْهُورٍ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى الِاحْتِرَازِ عَنْهُ، عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ الْمُحْتَمَلَ يَنْصَرِفُ بِالْقَرَائِنِ إلَى أَحَدِ مَعَانِيهِ. وَمَالُ الْمُكَاتَبِ حَالَةَ الْكِتَابَةِ لِسَيِّدِهِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُكَاتَبُ (وَمَتَى أَدَّى) الْمُكَاتَبُ (مَا عَلَيْهِ) مِنْ كِتَابَةٍ (فَقَبَضَهُ) مِنْهُ (سَيِّدُهُ أَوْ وَلِيُّهُ) أَيْ: السَّيِّدُ إنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ عَتَقَ لِمَفْهُومِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ. عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَقَدْ دَلَّ الْحَدِيثِ بِمَنْطُوقِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ حَتَّى يُؤَدِّيَ كِتَابَتَهُ، جَمِيعَ كِتَابَتِهِ، وَدَلَّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّهُ إذَا أَدَّى جَمِيعَ كِتَابَتِهِ لَا يَبْقَى عَبْدًا (أَوْ أَبْرَأَهُ) أَيْ: الْمُكَاتَبَ (سَيِّدُهُ) مِنْ كِتَابَتِهِ (أَوْ) أَبْرَأَهُ (وَارِثٌ) لِسَيِّدِهِ (مُوسِرٌ مِنْ حَقِّهِ) مِنْ كِتَابَتِهِ (عَتَقَ) ; لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا فَإِنْ أَدَّى الْبَعْضَ أَوْ أُبْرِئَ مِنْهُ بَرِئَ مِنْهُ وَهُوَ عَلَى كِتَابَتِهِ فِيمَا بَقِيَ لِلْخَبَرِ فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ مُعْسِرًا وَأَبْرَأَ مِنْ حَقِّهِ عَتَقَ نَصِيبُهُ فَقَطْ بِلَا سِرَايَةٍ (وَمَا فَضُلَ بِيَدِهِ) أَيْ: الْمُكَاتَبِ بَعْدَ أَدَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ أَوْ إبْرَائِهِ مِنْهُ (فَلَهُ) أَيْ: الْمُكَاتَبِ ; لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ قَبْلَ عِتْقِهِ فَبَقِيَ عَلَى مَا كَانَ
(وَتَنْفَسِخُ) الْكِتَابَةُ (بِمَوْتِهِ) أَيْ: الْمُكَاتَبِ (قَبْلَ أَدَائِهِ) جَمِيعَ كِتَابَتِهِ سَوَاءٌ خَلَّفَ وَفَاءً أَوْ لَا (وَمَا بِيَدِهِ لِسَيِّدِهِ) نَصًّا. ; لِأَنَّهُ مَاتَ وَهُوَ عَبْدٌ كَمَا لَوْ لَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً ; لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى الْمُكَاتَبِ. وَقَدْ تَلِفَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَبَطَلَ، وَقَتْلُهُ كَمَوْتِهِ سَوَاءٌ قَتَلَهُ سَيِّدُهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ وَلَا قِصَاصَ إنْ قَتَلَهُ حُرٌّ وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ سَيِّدُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ شَيْءٌ لَكَانَ لَهُ، وَمَا فِي يَدِهِ لِسَيِّدِهِ لِزَوَالِ الْكِتَابَةِ لَا عَلَى أَنَّهُ وَارِث وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ أَجْنَبِيًّا فَلِسَيِّدِهِ قِيمَتُهُ (وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعَجِّلَهَا) أَيْ: الْكِتَابَةَ الْمُؤَجَّلَةَ قَبْلَ حُلُولِهَا لِسَيِّدِهِ (وَيَضَعُ) السَّيِّدُ (عَنْهُ) أَيْ: الْمُكَاتَبِ (بَعْضَهَا) أَيْ: الْكِتَابَةِ فَلَوْ كَانَ النَّجْمُ مِائَةً وَعَجَّلَ مِنْهُ أَوْ صَالَحَهُ عَنْهُ عَلَى سِتِّينَ وَأَبْرَأَهُ مِنْ الْبَاقِي صَحَّ. ; لِأَنَّ مَالَ الْكِتَابَةِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ وَلَيْسَ بِدَيْنٍ صَحِيحٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute