للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُنْتُ أَسِيرُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَسَمِعَ زَمَّارَةَ رَاعٍ فَوَضَعَ إصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ ثُمَّ عَدَلَ عَنْ الطَّرِيقِ، فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ: يَا نَافِعُ أَتَسْمَعُ؟ حَتَّى قُلْت: لَا. فَأَخْرَجَ إصْبَعَيْهِ مِنْ أُذُنَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الطَّرِيقِ ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالْخَلَّالُ. وَخَرَجَ أَحْمَدُ مِنْ وَلِيمَةٍ فِيهَا آنِيَةُ فِضَّةٍ فَقَالَ الدَّاعِي: نُحَوِّلُهَا فَأَبَى أَنْ يَرْجِعَ. نَقَلَهُ حَنْبَلٌ (وَإِنْ عَلِمَ بِهِ) أَيْ: الْمُنْكَرِ (وَلَمْ يَرَهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ أُبِيحَ الْجُلُوسُ) ، وَالْأَكْلُ نَصًّا ; لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِنْكَارُ إذَنْ وَلَهُ الِانْصِرَافُ فَيُخْبِرُ (وَإِنْ شَاهَدَ سُتُورًا مُعَلَّقَةً فِيهَا صُورَةُ حَيَوَانٍ كُرِهَ) جُلُوسُهُ مَا دَامَتْ مُعَلَّقَةً.

قَالَ فِي الْإِنْصَافِ:، وَالْمَذْهَبُ لَا يَحْرُمُ. انْتَهَى ; لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «دَخَلَ الْكَعْبَةَ فَرَأَى فِيهَا صُورَةَ إبْرَاهِيمَ، وَإِسْمَاعِيلَ يَسْتَقْسِمَانِ بِالْأَزْلَامِ فَقَالَ: قَاتَلَهُمْ اللَّهُ لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّهُمَا مَا اسْتَقْسَمَا بِهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَ (لَا) يُكْرَهُ جُلُوسُهُ (إنْ كَانَتْ) الصُّوَرُ الْمُصَوَّرَةُ (مَبْسُوطَةً) عَلَى الْأَرْضِ (أَوْ) كَانَتْ (عَلَى وِسَادَةٍ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: «قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَفَرٍ، وَقَدْ سَتَرْتُ لَهُ سَهْوَةً بِنَمَطٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: أَتَسْتُرِينَ الْجُدُرَ بِسِتْرٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ؟ فَهَتَكَهُ قَالَتْ: فَجَعَلْتُ مِنْهُ مِنْبَذَتَيْنِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئًا عَلَى إحْدَاهُمَا» رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَالسَّهْوَةُ الصِّفَةُ أَوْ الْمِخْدَعُ بَيْنَ بَيْتَيْنِ أَوْ شِبْهُ الرَّفِّ، وَالطَّاقِ يُوضَعُ فِيهِ الشَّيْءُ أَوْ بَيْتٌ صَغِيرٌ شِبْهُ الْخِزَانَةِ الصَّغِيرَةِ أَوْ أَرْبَعَةُ أَعْوَادٍ أَوْ ثَلَاثَةٌ يَعْرِضُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ يُوضَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَمْتِعَةِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَالْمِنْبَذَتَانِ تَثْنِيَةُ مِنْبَذَةٍ كَمِكْنَسَةٍ وَهِيَ الْوِسَادَةُ ; وَلِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ مَبْسُوطَةً تُدَاسُ، وَتُمْتَهَنُ. فَلَمْ تَكُنْ مَعْزُوزَةً مُعَظَّمَةً فَلَا تُشْبِهُ الْأَصْنَامَ الَّتِي تُعْبَدُ، وَمَتَى قُطِعَ مِنْ الصُّورَةِ الرَّأْسُ أَوْ مَا لَا يَبْقَى بَعْدَ ذَهَابِهِ حَيَاةٌ، فَلَا كَرَاهَةَ.

وَكَذَا لَوْ صُوِّرَتْ ابْتِدَاءً بِلَا رَأْسٍ وَنَحْوِهِ.، وَتَقَدَّمَ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ يَحْرُمُ التَّصْوِيرُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (وَكُرِهَ سَتْرُ حِيطَانٍ بِسُتُورٍ لَا صُوَرَ فِيهَا أَوْ) بِسُتُورٍ (فِيهَا صُوَرُ غَيْرِ حَيَوَانٍ) كَشَجَرٍ (بِلَا ضَرُورَةٍ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ) وَهُوَ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْإِجَابَةِ لِمَا رَوَى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ:. أَعْرَسْتُ فِي عَهْدِ أَبِي فَأَذِنَ إلَى النَّاسِ فِيمَنْ أَذِنَ أَبُو أَيُّوبَ وَقَدْ سُتِرَ بَيْتِي بِحُبَارَى أَخْضَرَ فَأَقْبَلَ أَبُو أَيُّوبَ مُسْرِعًا فَاطَّلَعَ فَرَأَى الْبَيْتَ مُسْتَتِرًا بِحُبَارَى أَخْضَرَ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَسَتَرْتَ الْجُدُرَ فَقَالَ أَبِي، وَاسْتَحْيَا: غَلَبَتْنَا النِّسَاءُ يَا أَبَا أَيُّوبَ فَقَالَ: مَنْ خَشِيت أَنْ يَغْلِبْنَهُ لَمْ أَخْشَ أَنْ يَغْلِبْنَكَ ثُمَّ قَالَ لَا أَطْعَمُ لَكَ طَعَامًا وَلَا أَدْخُلُ لَكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>