(مَنْ سُحِرَ لِيُطَلِّقَ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: قُلْت: بَلْ هُوَ أَعْظَمُ الْإِكْرَاهَاتِ.
(لَا مَنْ شُتِمَ) لِيُطَلِّقَ (أَوْ أُخْرِقَ بِهِ) أَيْ: بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: أُهِينَ بِالشَّتْمِ لِيُطَلِّقَ. فَلَيْسَ كَمُكْرَهٍ بَلْ يَقَعُ طَلَاقُهُ ; لِأَنَّ ضَرَرَهُ يَسِيرٌ.
(وَمَنْ قَصَدَ إيقَاعَهُ) أَيْ: الطَّلَاقِ، وَقَدْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ (دُونَ دَفْعِ الْإِكْرَاهِ) فَلَمْ يَقْصِدْهُ وَقَعَ طَلَاقُهُ. وَكَذَا إنْ لَمْ يَظُنَّ إيقَاعَ مَا هُدِّدَ بِهِ أَوْ أَمْكَنَهُ التَّخَلُّصُ مِنْ الْإِكْرَاهِ بِنَحْوِ هَرَبٍ أَوْ اخْتِفَاءٍ أَوْ دَفْعِ إكْرَاهٍ.
(أَوْ أُكْرِهَ عَلَى طَلَاقِ مُعَيَّنَةٍ) مِنْ نِسَائِهِ كَفَاطِمَةَ (فَطَلَّقَ غَيْرَهَا) كَخَدِيجَةَ وَقَعَ عَلَيْهَا ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكْرَهٍ عَلَيْهِ.
(أَوْ) أُكْرِهَ عَلَى (طَلْقَةٍ) وَاحِدَةٍ (فَطَلَّقَ أَكْثَرَ) مِنْ طَلْقَةٍ (وَقَعَ طَلَاقُهُ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكْرَهٍ عَلَيْهِ وَلَا) يَقَعُ طَلَاقُهُ (إنْ أُكْرِهَ عَلَى طَلَاقِ مُبْهَمَةٍ) مِنْ نِسَائِهِ (فَطَلَّقَ مُعَيَّنَةً) مِنْهُنَّ بِأَنْ أُكْرِهَ عَلَى طَلَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَيًّا كَانَتْ. فَطَلَّقَ عَائِشَةَ مَثَلًا لِصَدْقِ الْوَاحِدَةِ الْمُبْهَمَةِ بِهَا.
(أَوْ تَرَكَ) الْمُكْرَهُ (التَّأْوِيلَ بِلَا عُذْرٍ) فِي تَرْكِهِ، فَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُ لِعُمُومِ الْخَبَرِ. وَيَنْبَغِي لَهُ إذَا أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ، وَطَلَّقَ أَنْ يَتَأَوَّلَ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ.
(، وَإِكْرَاهٌ عَلَى عِتْقٍ وَ) عَلَى (يَمِينٍ) بِاَللَّهِ (، وَنَحْوِهِمَا) كَظِهَارٍ (فَ) إكْرَاهٌ (عَلَى طَلَاقٍ) فَلَا يُؤَاخَذُ بِشَيْءٍ مِنْهَا فِي حَالٍ لَا يُؤَاخَذُ فِيهَا بِالطَّلَاقِ وَلَا يُقَالُ:: لَوْ كَانَ الْوَعِيدُ إكْرَاهًا لَكُنَّا مُكْرَهِينَ عَلَى الْعِبَادَاتِ فَلَا ثَوَابَ ; لِأَنَّ أَصْحَابَنَا قَالُوا: يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنَّنَا مُكْرَهُونَ عَلَيْهَا، وَالثَّوَابُ مِنْ فَضْلِهِ لَا مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ عِنْدَنَا ثُمَّ الْعِبَادَاتُ تُفْعَلُ لِلرَّغْبَةِ. ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ (وَيَقَعُ) الطَّلَاقُ (بَائِنًا وَلَا يُسْتَحَقُّ عِوَضٌ سُئِلَ) الْمُطَلَّقُ (عَلَيْهِ) الطَّلَاقَ (فِي نِكَاحٍ قِيلَ:) أَيْ: قَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ (بِصِحَّتِهِ) أَيْ: كَبِلَا وَلِيٍّ (وَلَا يَرَاهَا) أَيْ: الصِّحَّةَ (مُطَلِّقٌ) نَصًّا كَمَا لَوْ حَكَمَ بِهِ مَنْ يَرَى صِحَّتَهُ، وَالْحُكْمُ إنَّمَا يَكْشِفُ خَافِيًا أَوْ يُنَفِّذُ، وَاقِعًا ; لِأَنَّ الطَّلَاقَ إزَالَةُ مِلْكٍ بُنِيَ عَلَى التَّغْلِيبِ، وَالسِّرَايَةِ فَجَازَ أَنْ يُنْفَذَ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي نُفُوذِهِ إسْقَاطُ حَقِّ الْغَيْرِ كَالْعِتْقِ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ بِالْأَدَاءِ، وَنَقَلَ ابْنُ قَاسِمٍ: قَدْ قَامَ مَقَامَ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ فِي أَحْكَامِهِ كُلِّهَا.
(وَلَا يَكُونُ) الطَّلَاقُ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ (بِدْعِيًّا فِي حَيْضٍ) فَيَجُوزُ فِيهِ ; لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَا تَجُوزُ اسْتِدَامَتُهُ كَابْتِدَائِهِ وَلَا يُسَمَّى طَلَاقَ بِدْعَةٍ.
وَ (لَا) يَصِحُّ (خُلْعٌ) فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ (لِخُلُوِّهِ) أَيْ: الْخُلْعِ (عَنْ الْعِوَضِ) ; لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا بِلَا عِوَضٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ عِوَضًا بِبَذْلِهِ. ; لِأَنَّهُ لَا مُقَابِلَ لِلْعِوَضِ.
(وَلَا) يَقَعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute