«وَإِذَا كَانَ الثَّوْبُ وَاسِعًا فَخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاشْدُدْهُ عَلَى حِقْوِكَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَلِأَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ وَاجِبٌ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَفِيهَا أَوْلَى (أَوْ) لَمْ يَجِدْ إلَّا (مَا يَسْتُرُ الْفَرْجَيْنِ) سَتَرَهُمَا ; لِأَنَّهُمَا عَوْرَةٌ بِلَا خِلَافٍ وَأَفْحَشُ فِي النَّظَرِ (أَوْ) لَمْ يَجِدْ إلَّا مَا يَسْتُرُ (أَحَدَهُمَا سَتَرَهُ، وَالدُّبُرُ أَوْلَى) مِنْ الْقُبُلِ ; لِأَنَّهُ أَفْحَشُ.
وَيَنْفَرِجُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ (إلَّا إذَا كَفَتْ) السُّتْرَةُ عَوْرَتَهُ فَقَطْ، أَوْ (مَنْكِبَهُ وَعَجُزَهُ فَقَطْ) دُونَ دُبُرِهِ، قَالَهُ فِي شَرْحِهِ، وَالظَّاهِرُ دُونَ قُبُلِهِ (فَيَسْتُرُهُمَا) أَيْ الْمَنْكِبَ وَالْعَجُزَ وُجُوبًا ;. لِأَنَّ سَتْرَ الْمَنْكِبِ لَا بَدَلَ لَهُ، وَصَحَّ الْحَدِيثُ بِالْأَمْرِ بِهِ فَمُرَاعَاتُهُ أَوْلَى (وَيُصَلِّي جَالِسًا) نَدْبًا لِسَتْرِ الْعَوْرَةِ الْمُغَلَّظَةِ (وَيَلْزَمُهُ) أَيْ الْعُرْيَانَ (تَحْصِيلُ سُتْرَةٍ بِثَمَنِ مِثْلِهَا) فِي مَكَانِهَا مَعَ الْقُدْرَةِ.
وَكَذَا لَوْ وَجَدَهَا تُؤَجَّرُ، وَقَدَرَ عَلَى الْأُجْرَةِ فَاضِلَةً عَنْ حَاجَتِهِ (فَإِنْ زَادَ) ثَمَنُهَا عَنْ قِيمَةِ مِثْلِهَا فِي مَكَانِهَا (فَكَمَاءِ وُضُوءٍ) إنْ كَانَتْ يَسِيرَةً لَزِمَتْهُ، وَإِلَّا فَلَا. وَيَلْزَمُهُ (قَبُولُهَا عَارِيَّةً) إنْ بُذِلَتْ لَهُ. لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى سَتْرِ عَوْرَتِهِ بِمَا لَا تَكْثُرُ فِيهِ الْمِنَّةُ.
وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ اسْتِعَارَتُهَا، و (لَا) قَبُولُهَا (هِبَةً) لِعِظَمِ الْمِنَّةِ فِيهِ (فَإِنْ عَدِمَ) السُّتْرَةَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا بِبَيْعٍ وَلَا إجَارَةٍ، وَلَمْ تُبْذَلْ لَهُ عَارِيَّةٌ (صَلَّى جَالِسًا نَدْبًا، يُومِئ) بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ (وَلَا يَتَرَبَّعُ) فِي جُلُوسِهِ (بَلْ يَنْضَمُّ) أَيْ يَضُمُّ إحْدَى فَخِذَيْهِ إلَى الْأُخْرَى. لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا فِي قَوْمٍ انْكَسَرَتْ بِهِمْ مَرَاكِبُهُمْ فَخَرَجُوا عُرَاةً قَالَ: «يُصَلُّونَ جُلُوسًا يُومِئُونَ بِرُءُوسِهِمْ» وَلَمْ يُنْقَلْ خِلَافُهُ.
وَلِأَنَّ السَّتْرَ آكَدُ مِنْ الْقِيَامِ، لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ فِي فَرْضٍ، وَلَا نَفْلٍ وَلَا يَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ، فَإِنْ صَلَّى قَائِمًا جَازَ، وَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ بِالْأَرْضِ (وَإِنْ وَجَدَهَا) أَيْ السُّتْرَةَ (مُصَلٍّ) عُرْيَانًا (قَرِيبَةً) مِنْهُ (عُرْفًا) أَيْ بِحَيْثُ تُعَدُّ فِي الْعُرْفِ قَرِيبَةً (سَتَرَ) بِهَا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ سَتْرُهُ (وَبَنَى) عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ، قِيَاسًا عَلَى أَهْلِ قُبَاءَ، لَمَّا عَلِمُوا بِتَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ اسْتَدَارُوا إلَيْهَا وَأَتَمُّوا صَلَاتَهُمْ (وَإِلَّا) إنْ كَانَتْ بَعِيدَةً وَلَا يُمْكِنُهُ السَّتْرُ بِهَا إلَّا بِعَمَلٍ كَثِيرٍ وَزَمَنٍ طَوِيلٍ سَتَرَ، و (ابْتَدَأَ) صَلَاتَهُ لِبُطْلَانِهَا (وَكَذَا مَنْ عَتَقَتْ) فِيهَا أَيْ الصَّلَاةِ (وَاحْتَاجَتْ إلَيْهَا) أَيْ السُّتْرَةِ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَتِرَةً كَحُرَّةٍ،
فَإِنْ كَانَ الْخِمَارُ قَرِيبًا تَخَمَّرَتْ وَبَنَتْ، وَإِلَّا تَخَمَّرَتْ وَابْتَدَأَتْ، وَكَذَا مَنْ أَطَارَتْ الرِّيحُ ثَوْبَهَا فِيهَا، فَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِالْعِتْقِ أَوْ وُجُوبِ السَّتْرِ، أَوْ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهَا مَعَ كَشْفِ مَا يَجِبُ سَتْرُهُ وَقُدْرَتِهَا عَلَيْهِ (وَيُصَلِّي الْعُرَاةُ جَمَاعَةً وَإِمَامُهُمْ وَسَطًا) أَيْ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute