للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَقَدَّمُهُمْ (وُجُوبًا فِيهِمَا) أَيْ فِي مَسْأَلَتَيْ وُجُوبِ الْجَمَاعَةِ عَلَيْهِمْ، وَكَوْنِ إمَامِهِمْ وَسَطَهُمْ،

أَمَّا الْأُولَى: فَلِأَنَّهُمْ قَدَرُوا عَلَى الْجَمَاعَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ. أَشْبَهُوا الْمُسْتَتِرِينَ وَكَحَالِ الْخَوْفِ وَأَوْلَى، وَلَا تَسْقُطُ الْجَمَاعَةُ بِفَوْتِ سُنَّةِ الْمَوْقِفِ، وَأَمَّا الثَّانِيَة، فَلِأَنَّهُ سِتْرٌ مِنْ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ تَقَدَّمَهُمْ بَطَلَتْ، إنْ لَمْ يَكُونُوا عُمْيَانًا أَوْ فِي ظُلْمَةٍ.

فَإِنْ كَانَ الْعُرَاةُ أَكْثَرَ مِنْ نَوْعٍ كَنِسَاءٍ وَرِجَالٍ، صَلَّى (كُلُّ نَوْعٍ جَانِبًا) لِأَنْفُسِهِمْ، حَتَّى لَا يَرَى بَعْضُهُمْ عَوْرَةَ بَعْضٍ إنْ اتَّسَعَ الْمَحَلُّ (فَإِنْ شَقَّ) ذَلِكَ لِنَحْوِ ضِيقٍ (صَلَّى الْفَاضِلُ) وَهُمْ الرِّجَالُ (وَاسْتَدْبَرَ مَفْضُولٌ) وَهُمْ النِّسَاءُ (ثُمَّ عَكَسَ) فَيُصَلِّي النِّسَاءُ وَيَسْتَدْبِرْهُنَّ الرِّجَالُ، لِأَنَّ النِّسَاءَ إنْ وَقَفْنَ مَعَ الرِّجَالِ صَفًّا مَعَ سَعَةِ الْمَحَلِّ أَخْطَأْنَ سُنَّةَ الْمَوْقِفِ،

وَإِنْ صَلَّيْنَ خَلْفَهُمْ شَاهَدْنَ عَوْرَاتِهِمْ، وَرُبَّمَا اُفْتُتِنَّ بِهِمْ (وَمَنْ أَعَارَهُ) وَنَحْوُهُ (سُتْرَتَهُ) لِمَنْ يُصَلِّي فِيهَا (وَصَلَّى) أَيْ صَاحِبُهَا (عُرْيَانًا لَمْ تَصِحَّ) صَلَاتُهُ لِتَرْكِهِ السَّتْرَ مَعَ الْقُدْرَةِ. (وَتُسَنُّ) إعَارَةُ السُّتْرَةِ لِلصَّلَاةِ (إذَا صَلَّى) رَبُّهَا لِتَكْمُلَ صَلَاةُ الْمُسْتَعِيرِ (وَيُصَلِّي بِهَا) بَعْدَ رَبِّهَا، إنْ تَعَدَّدَ الْعُرَاةُ (وَاحِدٌ فَآخَرُ) حَتَّى يَنْتَهُوا مَعَ سَعَةِ الْوَقْتِ، لِقُدْرَتِهِمْ عَلَى الصَّلَاةِ بِشَرْطِهَا.

(وَيُقَدَّمُ إمَامٌ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ) وَيَقِفُ قُدَّامَهُمْ لِاسْتِتَارِ عَوْرَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّهَا صَلَّى وَصَلَحَ لِلْإِمَامَةِ صَلَّى بِهِمْ (وَالْمَرْأَةُ) الْعَارِيَّةُ (أَوْلَى) بِالسُّتْرَةِ تُعَارُ مِنْ الرَّجُلِ حَتَّى الْإِمَامِ ; لِأَنَّ عَوْرَتَهَا أَفْحَشُ وَسَتْرُهَا أَبْعَدُ مِنْ الْفِتْنَةِ.

فَصْلٌ فِي جُمْلَةٍ مِنْ أَحْكَامِ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا (كُرِهَ فِي صَلَاةٍ) فَقَطْ (سَدْلٌ وَهُوَ طَرْحُ ثَوْبٍ عَلَى كَتِفَيْهِ) أَيْ الْمُصَلِّي (وَلَا يَرُدُّ طَرَفَهُ) أَيْ الثَّوْبِ (عَلَى) الْكَتِفِ (الْأُخْرَى) سَوَاءٌ كَانَ تَحْتَهُ ثَوْبٌ أَوْ لَا. وَالنَّهْيُ فِيهِ صَحِيحٌ عَنْ عَلِيٍّ وَخَبَرُ أَبِي هُرَيْرَةَ نُقِلَ هُنَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، لَكِنْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ لَمْ يُضَعِّفْهُ أَحْمَدُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ.

وَإِنْ رَدَّ طَرَفَهُ عَلَى الْكَتِفِ الْأُخْرَى. وَفِي الْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ: أَوْ ضَمَّ طَرَفَيْهِ بِيَدَيْهِ لَمْ يُكْرَهْ، وَلَا بَأْسَ بِطَرْحِ الْقَبَاءِ عَلَى كَتِفَيْهِ بِلَا إدْخَالِ يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ.

(وَ) كُرِهَ أَيْضًا فِي صَلَاةٍ (اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ وَهُوَ أَنْ يَضْطَبِعَ بِثَوْبٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَأَنْ يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ، لَيْسَ عَلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ مِنْهُ، يَعْنِي شَيْءٌ» أَخْرَجُوهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>