للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالِاضْطِبَاعُ: أَنْ يَجْعَلَ وَسَطَ الرِّدَاءِ تَحْتَ عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ وَطَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ. فَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ ثَوْبٌ فَلَا كَرَاهَةَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَبَدَتْ عَوْرَتُهُ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ، إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا، وَإِنْ احْتَبَى وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ جَازَ، وَإِلَّا حَرُمَ.

(وَ) كُرِهَ أَيْضًا فِي صَلَاةٍ (تَغْطِيَةُ وَجْهٍ، وَتَلَثُّمٌ عَلَى فَمٍ وَأَنْفٍ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُغَطِّيَ الرَّجُلُ فَاهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى كَرَاهَةِ تَغْطِيَةِ الْوَجْهِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى تَغْطِيَةِ الْفَمِ، وَقِيَاسُهُ: تَغْطِيَةُ الْأَنْفِ، وَفِي تَغْطِيَةِ الْوَجْهِ تَشَبُّهٌ بِالْمَجُوسِ عِنْدَ عِبَادَتِهِمْ النِّيرَانَ، وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا مَنَعَ تَحْقِيقَ الْحُرُوفِ.

(وَ) كُرِهَ أَيْضًا فِي صَلَاةٍ (لَفُّ كُمٍّ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَلَا أَكُفَّ شَعَرًا وَلَا ثَوْبًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. زَادَ فِي الرِّعَايَةِ: وَتَشْمِيرُهُ وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ تَغْطِيَةِ وَجْهٍ وَمَا بَعْدَهُ: إنْ كَانَ (بِلَا سَبَبٍ) قَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ بِتَغْطِيَةِ الْوَجْهِ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ. وَقِيَاسُهُ: كَفُّ الْكُمِّ وَنَحْوِهِ،

فَإِنْ كَانَ السَّدْلُ وَمَا بَعْدَهُ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ لَمْ يُكْرَهْ.

(وَ) كُرِهَ (مُطْلَقًا) فِي صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا (تَشَبُّهٌ بِكُفَّارٍ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَقَلُّ أَحْوَالِهِ أَيْ هَذَا الْحَدِيث أَنْ يَقْتَضِيَ تَحْرِيمَ التَّشَبُّهِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي كُفْرَ الْمُتَشَبَّهِ بِهِمْ.

وَقَالَ: وَلَمَّا صَارَتْ الْعِمَامَةُ الصَّفْرَاءُ وَالزَّرْقَاءُ مِنْ شِعَارِهِمْ: حَرُمَ لُبْسُهُمَا.

(وَ) كُرِهَ أَيْضًا مُطْلَقًا جَعْلُ صِفَةِ (صَلِيبٍ فِي ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ) كَعِمَامَةٍ وَخَاتَمٍ ; لِأَنَّهُ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالنَّصَارَى. وَظَاهِرُ نَقْلِ صَالِحٍ: تَحْرِيمُهُ، وَصَوَّبَهُ فِي الْإِنْصَافِ.

(وَ) كُرِهَ أَيْضًا مُطْلَقًا (شَدُّ وَسَطٍ) بِفَتْحِ السِّينِ (ب) شَيْءٍ (شِبْهِ) شَدِّ (زُنَّارٍ) بِوَزْنِ تُفَّاحٍ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالْيَهُودِ وَقَدْ نَهَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّبِيُّ عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ.

فَقَالَ «لَا تَشْتَمِلُوا اشْتِمَالَ الْيَهُودِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. فَأَمَّا شَدُّ الرَّجُلِ وَسَطَهُ بِمَا لَا يُشْبِه ذَلِكَ. فَقَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ بِهِ. أَلَيْسَ قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ «لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ إلَّا وَهُوَ مُحْتَزِمٌ» وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ الرَّجُلِ يُصَلِّي وَعَلَيْهِ الْقَمِيصُ، يَأْتَزِرُ بِالْمِنْدِيلِ؟ قَالَ: نَعَمْ فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ.

(وَ) كُرِهَ شَدُّ وَسَطِ (أُنْثَى مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ يُشْبِهُ شَدَّ زُنَّارٍ أَوْ لَا ; لِأَنَّهُ يُبَيَّنُ بِهِ حَجْمُ عَجِيزَتِهَا، وَتُبَيَّنُ بِهِ تَقَاطِيعُ بَدَنِهَا. وَحَمَلَهُ صَاحِبُ الْإِقْنَاعِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ فِي الصَّلَاةِ فَقَطْ، دُونَ خَارِجِهَا.

وَاسْتَدَلَّ لَهُ (وَ) كُرِهَ أَيْضًا (مَشْيٌ بِنَعْلٍ وَاحِدَةٍ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَمْشِي أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَنَصُّهُ: وَلَوْ يَسِيرًا، لِإِصْلَاحِ الْأُخْرَى لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>