(مَاشِيًا) فَيُصَلِّي لِجِهَةِ سَيْرِهِ عَلَى مَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ لِلْخَبَرِ فِي الرَّاكِبِ وَيَأْتِي. وَأُلْحِقَ بِهِ الْمَاشِي، لِمُسَاوَاتِهِ لَهُ فِي خُسُوفِ الِانْقِطَاعِ عَنْ الْقَافِلَةِ فِي السَّفَرِ (سَفَرًا مُبَاحًا) أَيْ غَيْرَ مَكْرُوهٍ وَلَا مُحَرَّمٍ. لِأَنَّ نَفْلَهُ كَذَلِكَ رُخْصَةٌ، وَهِيَ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي (وَلَوْ) كَانَ السَّفَرُ (قَصِيرًا) نَصَّ عَلَيْهِ، فِيمَا دُونَ فَرْسَخٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: ١١٥] قَالَ ابْنُ عُمَرَ " نَزَلَتْ فِي التَّطَوُّعِ خَاصَّةً " وَلِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ يُومِئُ بِرَأْسِهِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ،
وَلِلْبُخَارِيِّ " إلَّا الْفَرَائِضَ " وَلِأَنَّ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ فِي التَّطَوُّعِ، لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى تَقْلِيلِهِ أَوْ قَطْعِهِ فَاسْتَوَيَا فِيهِ. و (لَا) يَسْقُطُ الِاسْتِقْبَالُ فِي نَفْلِ رَاكِبٍ (تَعَاسِيفَ) وَهُوَ رُكُوبُ الْفَلَاةِ وَقَطْعِهَا عَلَى غَيْرِ صَوْبٍ، كَمَا لَا يَقْصُرُ وَلَا يُفْطِرُ بِرَمَضَانَ (لَكِنْ إنْ لَمْ يُعْذَرْ مَنْ عَدَلَتْ بِهِ دَابَّتُهُ) إلَى غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ، بِأَنْ عَلِمَ بِعُدُولِهَا وَقَدَرَ عَلَى رَدِّهَا وَلَمْ يَفْعَل بَطَلَتْ.
(أَوْ عَدَلَ هُوَ إلَى غَيْرِهَا) أَيْ لِقِبْلَةٍ (عَنْ جِهَةِ سَيْرِهِ مَعَ عِلْمِهِ) بِعُدُولِهِ بَطَلَتْ، لِأَنَّهُ تَرَكَ قِبْلَتَهُ عَمْدًا، وَسَوَاءٌ طَالَ عُدُولُهُ أَوْ لَا (أَوْ عُذِرَ) مَنْ عَدَلَتْ بِهِ دَابَّتُهُ، لِعَجْزِهِ عَنْهَا لِجِمَاحِهَا أَوْ نَحْوِهِ، أَوْ عُذِرَ مَنْ عَدَلَ إلَى غَيْرِهَا لِغَفْلَةٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ جَهْلٍ أَوْ ظَنَّ أَنَّهَا جِهَةُ سَيْرِهِ (وَطَالَ) عُدُولُ دَابَّتِهِ أَوْ عُدُولُهُ عُرْفًا (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ ; لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَمَلِ الْكَثِير مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الصَّلَاةِ، فَيُبْطِلُهَا عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ.
فَإِنْ كَانَ عُذْرٌ وَلَمْ يَطُلْ لَمْ تَبْطُلْ ; لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَمَلِ الْيَسِيرِ، وَإِنْ كَانَ عُذْرُهُ لِسَهْوٍ سَجَدَ لَهُ وَيُعَايَا بِهَا، فَيُقَالُ: شَخْصٌ سَجَدَ بِفِعْلِ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ إمَامًا لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْعُدُولُ إلَى الْقِبْلَةِ لَمْ تَبْطُلْ أَيْضًا ; لِأَنَّ التَّوَجُّهَ إلَيْهَا هُوَ الْأَصْلُ،
وَإِذَا دَاسَ نَجَاسَةً عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، لَا إنْ دَاسَهَا مَرْكُوبُهُ (وَإِنْ وَقَفَ) الْمُسَافِرُ الْمُتَنَفِّلُ لِجِهَةِ سَيْرِهِ (لِتَعَبِ دَابَّتِهِ، أَوْ) وَقَفَ (مُنْتَظِرًا رُفْقَةً، أَوْ) وَقَفَ لِكَوْنِهِ (لَمْ يَسِرْ لِسَيْرِهِمْ) أَيْ الرُّفْقَةِ (أَوْ نَوَى النُّزُولَ بِبَلَدٍ دَخَلَهُ، أَوْ نَزَلَ فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (اسْتَقْبَلَ) الْقِبْلَةَ (وَيُتِمُّهَا) أَيْ الصَّلَاةَ كَالْخَائِفِ يَأْمَنُ فِي أَثَنَاء الصَّلَاةِ (وَيَصِحُّ) أَيْ يَنْعَقِدُ (نَذْرُ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا) أَيْ الرَّاحِلَةِ، بِأَنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ مَثَلًا عَلَى رَاحِلَتِهِ فَيَنْعَقِدُ نَذْرُهُ (وَإِنْ رَكِبَ مَاشٍ) مُتَنَفِّلٌ (فِي نَفْلٍ أَتَمَّهُ) رَاكِبًا ; لِأَنَّهُ انْتَقَلَ مِنْ حَالَةٍ مُخْتَلَفٍ فِي التَّنَفُّلِ فِيهَا إلَى حَالَةٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِيهَا، مَعَ كَوْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute