كُلٍّ مِنْهَا حَالَةَ سَيْرٍ (وَتَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِرُكُوبِ غَيْرِهِ) أَيْ الْمَاشِي،
فَلَوْ تَنَفَّلَ النَّازِلُ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي نَزَلَ فِيهِ، وَرَكِبَ فِي أَثَنَاءِ نَفْلِهِ. بَطَلَ، سَوَاءٌ كَانَ يُصَلِّي قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا ; لِأَنَّ حَالَتَهُ حَالَةُ إقَامَةٍ، فَرُكُوبُهُ فِيهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ (وَ) يَجِبُ (عَلَى) مُسَافِرٍ (مَاشٍ) يَتَنَفَّلُ (إحْرَامٌ إلَى الْقِبْلَةِ وَرُكُوعٌ وَسُجُودٌ إلَيْهَا) بِالْأَرْضِ، لِتَيَسُّرِ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَيَفْعَلُ مَا سِوَاهُ إلَى جِهَةِ سَيْرِهِ.
وَصَحَّحَ الْمَجْدُ: يُومِئُ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ إلَى جِهَةِ سَيْرِهِ كَرَاكِبٍ (وَيَسْتَقْبِلُ) الْقِبْلَةَ مُتَنَفِّلٌ (رَاكِبٌ) فِي كُلِّ صَلَاتِهِ (وَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ) وُجُوبًا (إنْ أَمْكَنَ) ذَلِكَ (بِلَا مَشَقَّةٍ) كَرَاكِبِ الْمِحَفَّةِ الْوَاسِعَةِ وَالسَّفِينَةِ وَالرَّاحِلَةِ الْوَاقِفَةِ ; لِأَنَّهُ كَالْمُقِيمِ فِي عَدَمِ الْمَشَقَّةِ. فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَدُورَ فِي السَّفِينَةِ وَالْمِحَفَّةِ إلَى الْقِبْلَةِ فِي الْفَرْضِ لَزِمَهُ نَصًّا، غَيْرَ مَلَّاحٍ لِحَاجَتِهِ.
وَإِنْ أَمْكَنَهُ الِافْتِتَاحُ إلَى الْقِبْلَةِ دُونَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، أَتَى بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَأَوْمَأَ بِهِمَا لِحَدِيثِ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا سَافَرَ، فَأَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ اسْتَقْبَلَ بِنَاقَتِهِ الْقِبْلَةَ، فَكَبَّرَ، ثُمَّ صَلَّى حَيْثُ وَجَّهَهُ رِكَابُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ، كَرَاكِبِ بَعِيرٍ مَقْطُورٍ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الِاسْتِدَارَةُ بِنَفْسِهِ، أَوْ رَاكِبِ حَرُونٍ تَصْعُبُ عَلَيْهِ إدَارَتُهُ، وَلَا يُمْكِنُهُ رُكُوعٌ وَلَا سُجُودٌ (فَ) يُحْرِمُ (إلَى جِهَةِ سَيْرِهِ وَيُومِئُ) بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ.
(وَيَلْزَمُ قَادِرًا) عَلَى الْإِيمَاءِ (جَعْلُ سُجُودِهِ أَخْفَضَ) مِنْ رُكُوعِهِ. لِحَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ فَجِئْت وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَالسُّجُودُ أَخْفَضُ مِنْ الرُّكُوعِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (و) تَلْزَمُهُ (الطُّمَأْنِينَةُ) لِأَنَّهَا رُكْنٌ قَدَرَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ فَلَزِمَهُ، كَمَا لَوْ كَانَ بِالْأَرْضِ. وَتَجُوزُ صَلَاةُ النَّافِلَةِ مِنْ وِتْرٍ وَغَيْرِهِ لِلْمُسَافِرِ عَلَى الْبَعِيرِ وَالْفَرَسِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَنَحْوِهَا.
قَالَ ابْنُ عُمَرَ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ، وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إلَى خَيْبَرَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ طَهَارَةُ مَا تَحْتَ الرَّاكِبِ مِنْ نَحْوِ بَرْذَعَةِ، وَإِنْ كَانَ الْحَيَوَانُ نَجِسَ الْعَيْنِ وَلَا كَرَاهَةَ هُنَا لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ كَمَا صَحَّحَهُ الْمَجْدُ، وَلِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى حِمَارِهِ: النَّفَلَ» وَرَاكِبُ الْقُمَارِيَّةِ يَدُورُ فِيهَا إلَى الْقِبْلَةِ فِي الْفَرْضِ، كَرَاكِبِ السَّفِينَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute