لِأَنَّ الْجُنُونَ لَا حَدَّ لَهُ يَنْتَهِي إلَيْهِ عَادَةً بِخِلَافِ الصِّغَرِ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي اللَّقِيطِ لِوَلِيِّهِ الْعَفْوُ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَاجَا فَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ عَلَى حَالٍ (وَإِنْ قَتَلَا) أَيْ الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ (قَاتِلَ مُورِثِهِمَا أَوْ قَطَعَا قَاطِعَهُمَا قَهْرًا) أَيْ بِلَا إذْنِ جَانٍ (سَقَطَ حَقُّهُمَا) لِاسْتِيفَائِهِمَا مَا وَجَبَ لَهُمَا كَمَا لَوْ كَانَ بِيَدِهِ مَالٌ لَهُمَا فَأَخَذَاهُ مِنْهُ قَهْرًا فَأَتْلَفَاهُ وَ (كَمَا لَوْ اقْتَصَّا مِمَّنْ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ دَيْنَهُ) كَالْعَبْدِ فَيَسْقُطُ حَقُّهُمَا وَجْهًا وَاحِدًا لَا يُمْكِنُ إيجَابُ دَيْنِهِ عَلَى أَحَدٍ.
الشَّرْطُ (الثَّانِي اتِّفَاقُ الْمُشْتَرِكِينَ فِيهِ) أَيْ الْقِصَاصِ (عَلَى اسْتِيفَائِهِ) فَلَيْسَ لِبَعْضِهِمْ اسْتِيفَاؤُهُ بِدُونِ إذْنِ. الْبَاقِينَ ; لِأَنَّهُ يَكُونُ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ أَشْبَهَ الدَّيْنَ (وَيُنْتَظَرُ قُدُومُ) وَارِثٍ (غَائِبٍ وَبُلُوغُ) وَارِثٍ (صَغِيرٍ وَإِفَاقَةُ) وَارِثٍ مَجْنُونٍ ; لِأَنَّهُمْ شُرَكَاءُ فِي الْقِصَاصِ وَلِأَنَّهُ أَحَدُ بَدَلَيْ النَّفْسِ (فَلَا يَنْفَرِدُ بِهِ بَعْضُهُمْ كَدِيَةٍ) أَيْ لَا يَنْفَرِدُ بَعْضُهُمْ بِالدِّيَةِ لَوْ وَجَبَتْ.
(وَ) كَ (قِنٍّ مُشْتَرَكٍ) قُتِلَ فَلَا يَنْفَرِدُ بَعْضُهُمْ بِقَتْلِ قَاتِلِهِ الْمُكَافِئِ لَهُ (بِخِلَافِ) قَتْلٍ (فِي مُحَارَبَةٍ) فَلَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ الْمُشْتَرِكِينَ فِيهِ (لِتَحَتُّمِهِ) أَيْ تَحَتُّمِ قَتْلٍ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.
(وَ) بِخِلَافِ (حَدِّ قَذْفٍ) فَيُقَامُ إذَا طَلَبَهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ حَيْثُ يُورَثُ (لِوُجُوبِهِ) أَيْ حَدِّ الْقَذْفِ (لِكُلِّ وَاحِدٍ) مِنْ الْوَرَثَةِ إذَا طَلَبَهُ (كَامِلًا) وَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ يَسْتَوْفِي الْإِمَامُ الْقِصَاصَ فِيهِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ لَا بِحُكْمِ الْإِرْثِ وَإِنَّمَا قُتِلَ الْحَسَنُ ابْنُ مُلْجِمٍ كُفْرًا ; لِأَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ حِلَّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ كَافِرٌ وَقِيلَ لِسَعْيِهِ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَنْتَظِرْ قُدُومَ مَنْ غَابَ مِنْ الْوَرَثَةِ (وَمَنْ مَاتَ) مِنْ وَرَثَةِ مَقْتُولٍ (فَوَارِثُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (كَهُوَ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ ; لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ فَانْتَقَلَ إلَى وَارِثِهِ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ.
وَمَتَى انْفَرَدَ بِهِ) أَيْ الْقِصَاصِ (مَنْ مُنِعَ) مِنْ الِانْفِرَادِ بِهِ (عُزِّرَ فَقَطْ) لِافْتِيَاتِهِ بِالِانْفِرَادِ وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ شَرِيكٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَمُنِعَ مِنْ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ لِعَدَمِ التَّجَزِّي فَإِذَا اسْتَوْفَى وَقَعَ نَصِيبُهُ قِصَاصًا وَبَقِيَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى بَعْضِ النَّفْسِ فَيَتَعَذَّرُ فِيهِ الْقِصَاصُ (وَلِشَرِيكِ) مُقْتَصٍّ (فِي تَرِكَةِ جَانٍ حَقُّهُ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَقْتَصّ (مِنْ الدِّيَةِ) بِقِسْطِهِ مِنْهَا (وَيَرْجِعُ وَارِثُ جَانٍ عَلَى مُقْتَصٍّ بِمَا فَوْقَ حَقِّهِ) فَلَوْ قَتَلَتْ امْرَأَةٌ رَجُلًا لَهُ ابْنَانِ فَقَتَلَهَا أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ فَلِمَنْ لَمْ يَأْذَنْ نِصْفُ دِيَةِ أَبِيهِ فِي تَرِكَةِ الْمَرْأَةِ الْقَاتِلَةِ وَيَرْجِعُ وَرَثَتُهَا عَلَى مَنْ اقْتَصَّ مِنْهَا بِنِصْفِ دِيَتِهَا (وَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ) أَيْ مُسْتَحِقِّي الْقِصَاصِ (وَلَوْ) كَانَ الْعَافِي (زَوْجًا أَوْ زَوْجَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute