الْأَيْمَنِ، يَتْلُو الثُّرَيَّا لَا يَتَقَدَّمُهَا (وَ) مَهَبُّهَا (بِالْعِرَاقِ إلَى خَلْفِ أُذُنِ الْمُصَلِّي الْيُسْرَى، مَارَّةً إلَى يَمِينِهِ، وَ) الرَّابِعَةُ مِنْ أُمَّهَاتِ الرِّيَاحِ (الدَّبُورُ مُقَابِلَتُهَا) أَيْ الصَّبَا
سُمِّيَتْ دَبُورًا ; لِأَنَّ مَهَبَّهَا مِنْ دُبُرِ الْكَعْبَةِ (لِأَنَّهَا تَهُبُّ) بِالشَّامِ (بَيْنَ الْقِبْلَةِ وَالْمَغْرِبِ وَ) تَهُبُّ (بِالْعِرَاقِ مُسْتَقْبِلَةً شَطْرَ وَجْهِ الْمُصَلِّي الْأَيْمَنِ) وَبَيْنَ كُلِّ رِيحَيْنِ مِنْ الْأَرْبَعِ: رِيحٌ تُسَمَّى النَّكْبَاءَ. لِتَنَكُّبِهَا طَرِيقَ الرِّيَاحِ الْمَعْرُوفَةِ، وَلِكُلٍّ مِنْ هَذِهِ الرِّيَاحِ: صِفَاتٌ وَخَوَّاصٌ تُمَيِّزُهَا عِنْدَ ذَوِي الْخِبْرَةِ بِهَا، وَإِنَّمَا يَسْتَدِلُّ بِهَا مَنْ عَرَفَهَا فِي الصَّحَارِي وَالْقِفَارِ لَا بَيْنَ الْبُنْيَانِ وَالدُّورِ ; لِأَنَّهَا تَخْتَبِطُ، وَلَا يَنْتَظِمُ دَوَرَانُهَا عَلَى مَهَبِّهَا الْأَصْلِيِّ (وَلَا يَتْبَعُ مُجْتَهِدٌ مُجْتَهِدًا خَالَفَهُ) بِأَنْ ظَهَرَ لِكُلٍّ مِنْهَا جِهَةٌ غَيْرُ الَّتِي ظَهَرَتْ لِلْآخَرِ ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَعْتَقِدُ خَطَأَ الْآخَرِ. فَأَشْبَهَا الْمُجْتَهِدَيْنِ فِي الْحَادِثَةِ إذَا اخْتَلَفَا فِيهَا
وَالْمُجْتَهِدَ الْعَالِمَ بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ وَإِنْ جَهِلَ أَحْكَامَ الشَّرْعِ. (وَلَا يَقْتَدِي) أَيْ لَا يَأْتَمُّ مُجْتَهِدٌ (بِهِ) ، أَيْ بِمُجْتَهِدٍ خَالَفَهُ جِهَةً، كَمَا لَوْ خَرَجَ رِيحٌ مِنْ أَحَدِ اثْنَيْنِ، وَاعْتَقَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ مِنْ الْآخَرِ (إلَّا إنْ اتَّفَقَا) فِي الْجِهَةِ. وَلَوْ مَالَ أَحَدُهُمَا يَمِينًا وَالْآخَرُ شِمَالًا لِلْعَفْوِ عَنْهُ (فَإِنْ) اجْتَهَدَ، أَوْ اتَّفَقَتْ جِهَتُهُمَا وَائْتَمَّ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ ثُمَّ (بَانَ لِأَحَدِهِمَا الْخَطَأُ) فِي اجْتِهَادِهِ (انْحَرَفَ) إلَى الْجِهَةِ الَّتِي تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ إلَيْهَا إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا ; لِأَنَّهَا تَرَجَّحَتْ فِي ظَنِّهِ (وَأَتَمَّ) صَلَاتَهُ،
وَلَا يَسْتَأْنِفُهَا ; لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ الْأَوَّلَ لَا يُبْطِلُ الثَّانِيَ (وَيَتْبَعُهُ مَنْ قَلَّدَهُ) فَيَنْحَرِفُ إلَى مَا انْحَرَفَ إلَيْهِ ; لِأَنَّ فَرْضَهُ التَّقْلِيدُ لِعَجْزِهِ عَنْ الِاجْتِهَادِ لِنَفْسِهِ. وَإِنْ قَلَّدَ اثْنَيْنِ لَمْ يَرْجِعْ بِرُجُوعِ أَحَدِهِمَا (وَيَنْوِي الْمُؤْتَمُّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ مُجْتَهِدَيْنِ ائْتَمَّ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، ثُمَّ بَانَ لِأَحَدِهِمَا الْخَطَأُ (الْمُفَارَقَةَ) لِإِمَامِهِ لِلْعُذْرِ (وَيَتْبَعُ وُجُوبًا جَاهِلٌ) بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ عَاجِزٌ عَنْ تَعَلُّمِهَا قَبْلَ خُرُوج وَقْتٍ: الْأَوْثَقَ عِنْدَهُ، وَيَتْبَعُ وُجُوبًا و (أَعْمَى، الْأَوْثَقَ عِنْدَهُ) ; لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إصَابَةٍ فِي نَظَرِهِ (وَلَا مَشَقَّةَ) عَلَيْهِ فِي مُتَابَعَتِهِ، بِخِلَافِ تَقْلِيدِ الْعَامِّيِّ الْأَعْلَمِ فِي الْأَحْكَامِ فَإِنْ فِيهِ حَرَجًا وَتَضْيِيقًا.
وَمَا زَالَ عَوَامُّ كُلِّ عَصْرٍ يُقَلِّدُ أَحَدُهُمْ مُجْتَهِدًا فِي مَسْأَلَةٍ، وَآخَرَ فِي أُخْرَى. وَهَلُمَّ جَرًّا إلَى مَا لَا يُحْصَى وَلَمْ يُنْقَلْ إنْكَارُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ; وَلِأَنَّهُمْ أُمِرُوا بِتَحَرِّي الْأَعْلَمِ وَالْأَفْضَلِ فِي نَظَرِهِمْ. وَإِنْ أَمْكَنَ أَعْمَى اجْتِهَادٌ بِنَهْرٍ كَبِيرٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ جَبَلٍ. لَزِمَهُ وَلَمْ يُقَلِّدْ (وَيُخَيَّرُ) جَاهِلٌ وَأَعْمَى وَجَدَ مُجْتَهِدَيْنِ فَأَكْثَرَ (مَعَ تَسَاوٍ) بِأَنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ أَفْضَلِيَّةَ وَاحِدٍ عَلَى غَيْرِهِ، فَيَتْبَعُ أَيَّهُمَا شَاءَ (ك) مَا يُخَيَّرُ (عَامِّيٌّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute