اضْطِرَارٍ وَنَحْوِهِ فِيهِمَا) أَيْ: الزِّنَا وَاللِّوَاطِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً اسْتَقَتْ رَاعِيًا فَأَبَى أَنْ يَسْقِيَهَا إلَّا أَنْ تُمَكِّنَّهُ مِنْ نَفْسِهَا فَفَعَلَتْ فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى عُمَرَ فَقَالَ لِعَلِيٍّ مَا تَرَى فِيهَا؟ قَالَ: إنَّهَا مُضْطَرَّةٌ فَأَعْطَاهَا عُمَرُ شَيْئًا وَتَرَكَهَا.
الشَّرْطُ (الثَّالِثُ ثُبُوتُهُ) أَيْ الزِّنَا (وَلَهُ) أَيْ: الثُّبُوتِ (صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يُقِرَّ بِهِ مُكَلَّفٌ وَلَوْ) كَانَ (قِنًّا) أَوْ مُبَعَّضًا (أَرْبَعَ مَرَّاتٍ) لِحَدِيثِ «مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ اعْتَرَفَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ وَرَدَّهُ فَقِيلَ لَهُ إنَّك إنْ اعْتَرَفَتْ عِنْدَهُ الرَّابِعَةَ رَجَمَك فَاعْتَرَفَ الرَّابِعَةَ فَحَبَسَهُ ثُمَّ سَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا لَا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ» رَوَى مِنْ طُرُقٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَبُرَيْدَةَ وَأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ (حَتَّى وَلَوْ) كَانَ الِاعْتِرَافُ أَرْبَعًا (فِي مَجَالِسَ) لِأَنَّ مَاعِزًا أَقَرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ عِنْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ. وَالْغَامِدِيَّةُ أَقَرَّتْ عِنْدَهُ بِذَلِكَ فِي مَجَالِسَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ (وَيُعْتَبَرُ أَنْ يُصَرِّحَ) مُقِرٌّ (بِذِكْرِ حَقِيقَةِ الْوَطْءِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «لَمَّا أَتَى مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ لَعَلَّك قَبَّلْت أَوْ غَمَزْت أَوْ نَظَرْت، قَالَ: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَنَكَحْتهَا لَا تُكَنِّي، قَالَ: نَعَمْ فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ بِرَجْمِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «قَالَ لِلْأَسْلَمِيِّ أَنَكَحْتَهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: كَمَا تُغَيِّبُ الْمِرْوَدَ فِي الْمُكْحُلَةِ وَالرِّشَاءَ فِي الْبِئْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَهَلْ تَدْرِي مَا الزِّنَا؟ قَالَ: نَعَمْ أَتَيْت مِنْهَا حَرَامًا مَا يَأْتِي الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ حَلَالًا قَالَ فَمَا تُرِيدُ بِهَذَا الْقَوْلِ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي، قَالَ فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ وَلِأَنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ فَلَا تَكْفِي فِيهِ الْكِنَايَةُ
(وَلَا) يُعْتَبَرُ أَنْ يُصَرِّحَ (بِمَزْنِيٍّ بِهَا) فَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ زَنَى بِفُلَانَةَ فَكَذَّبَتْهُ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ دُونَهَا لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ مَرْفُوعًا (وَ) يُعْتَبَرُ (أَنْ لَا يَرْجِعَ) مُقِرٌّ بِزِنًا (حَتَّى يَتِمَّ الْحَدُّ) فَإِنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ أَوْ هَرَبَ تُرِكَ وَتَقَدَّمَ
(وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ) أَيْ الزِّنَا (أَرْبَعًا فَأَنْكَرَ) إقْرَارَهُ بِهِ (أَوْ صَدَّقَهُمْ دُونَ أَرْبَعِ) مَرَّاتٍ (فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) لِرُجُوعِهِ (وَلَا) حَدَّ (عَلَى مَنْ شَهِدَ) عَلَيْهِ بِالزِّنَا لِكَمَالِهِمْ فِي النِّصَابِ
الصُّورَةُ (الثَّانِيَةُ) لِثُبُوتِ الزِّنَا (أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ) أَيْ الزَّانِي (فِي مَجْلِسٍ) وَاحِدٍ (أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عُدُولٍ وَلَوْ جَاءُوا مُتَفَرِّقِينَ) وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ (أَوْ صَدَّقَهُمْ) زَانٍ (بِزِنًا وَاحِدٍ) مُتَعَلِّقٌ بِيَشْهَدُ (وَيَصِفُونَهُ) أَيْ: الزِّنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: ٤] . الْآيَةَ، وَقَوْلِهِ {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: ١٥] فَيَجُوزُ لَهُمْ النَّظَرُ إلَيْهِمَا حَالَ الْجِمَاعِ لِإِقَامَةِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمَا وَاعْتُبِرَ كَوْنُهُمْ رِجَالًا لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute