إنْ اُضْطُرَّ إلَى الْمَسْأَلَةِ فَهِيَ مُبَاحَةٌ فَإِنْ تَوَقَّفَ قَالَ مَا أَظُنُّ أَحَدًا يَمُوتُ مِنْ الْجُوعِ اللَّهُ يَأْتِيهِ بِرِزْقِهِ
(وَإِنْ وَجَدَ) مُضْطَرٌّ (مَيْتَةً وَطَعَامًا مَا يَجْهَلُ مَالِكَهُ) قَدَّمَ الْمَيْتَةَ لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا فِي غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَةِ لِحَقِّ اللَّهِ.
وَفِي الِاخْتِيَارَاتِ إنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ إلَى رَبِّهِ بِعَيْنِهِ كَالْمَغْصُوبِ وَالْأَمَانَاتِ لَا يَعْرِفُ أَرْبَابَهَا قَدَّمَ أَكْلَهُ عَلَى الْمَيْتَةِ (أَوْ) وَجَدَ مُضْطَرٌّ مُحَرَّمًا (مَيْتَةً وَصَيْدًا حَيًّا أَوْ) وَجَدَ مَيْتَةً وَ (بَيْضَ صَيْدٍ سَلِيمًا) أَيْ الْبَيْضَ (وَهُوَ مُحَرَّمٌ قَدَّمَ الْمَيْتَةَ) لِأَنَّ فِيهَا جِنَايَةً وَاحِدَةً وَهِيَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا (وَيُقَدِّمُ) مُضْطَرٌّ (عَلَيْهَا) أَيْ: الْمَيْتَةِ (لَحْمَ صَيْدٍ ذَبَحَهُ مُحْرِمٍ) خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَتَمَيَّزُ ذَبْحُ الْمُحَرَّمِ بِالِاخْتِلَافِ فِي كَوْنِهِ مُذَكًّى (وَيُقَدِّمُ) مُضْطَرٌّ مُحَرَّمًا (عَلَى صَيْدٍ حَيٍّ طَعَامًا يَجْهَلُ مَالِكَهُ) إنْ لَمْ يَجِدْ مَيْتَةً بِشَرْطِ ضَمَانِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يُبَاحُ لَهُ فِي حَالِ بَيْعِ مَالِكِهِ لَهُ وَنَحْوِهِ فَهُوَ أَخَفُّ حُكْمًا مِنْ الصَّيْدِ إذْ لَا يُبَاحُ لِلْمُحْرِمِ بِحَالٍ
(وَيُقَدِّمُ مُضْطَرٌّ مُطْلَقًا) مُحْرِمًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (مَيْتَةً مُخْتَلَفًا فِيهَا) كَمَتْرُوكَةِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا أَوْ ثَعْلَبٍ ذُبِحَ (عَلَى) مَيْتَةٍ (مُجْمَعٍ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْمُخْتَلَفَ فِيهَا مُبَاحَةٌ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ) فَهِيَ أَحَقُّ (وَيَتَحَرَّى) مُضْطَرٌّ (فِي مُذَكَّاةٍ اشْتَبَهَتْ بِمَيْتَةٍ) لِأَنَّهُ غَايَةُ مَقْدُورِهِ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا، وَيَكُفُّ عَنْهُمَا قَادِرٌ عَلَى غَيْرِهِمَا حَتَّى يَعْلَمَ الْمُذَكَّاةَ
(وَمَنْ لَمْ يَجِدْ) مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ (إلَّا طَعَامَ غَيْرِهِ فَرَبُّهُ الْمُضْطَرُّ أَوْ الْخَائِفُ أَنْ يُضْطَرَّ أَحَقُّ بِهِ) لِمُسَاوَاتِهِ الْآخَرِ فِي الِاضْطِرَارِ وَانْفِرَادِهِ بِالْمِلْكِ أَشْبَهَ غَيْرَ حَالَةِ الِاضْطِرَارِ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ: رَبِّ الطَّعَامِ إذَا كَانَ كَذَلِكَ (إيثَارُهُ) أَيْ: غَيْرِهِ بِهِ لِئَلَّا يُلْقِيَ بِيَدِهِ إلَى التَّهْلُكَةِ.
وَفِي الْهَدْيِ فِي غَزْوَةِ الطَّائِفِ يَجُوزُ وَإِنَّهُ غَايَةُ الْجُودِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: ٩] وَلِقَوْلِ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي فُتُوحِ الشَّامِ وَعُدَّ ذَلِكَ فِي مَنَاقِبِهِمْ ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ وَلَعَلَّهُ لِعِلْمِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ حُسْنَ التَّوَكُّلِ وَالصَّبْرِ (وَإِلَّا) يَكُنْ رَبُّ الطَّعَامِ مُضْطَرًّا وَلَا خَائِفًا أَنْ يُضْطَرَّ (لَزِمَهُ) أَيْ: رَبَّ الطَّعَامِ (بَذْلُ مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ) أَيْ: الْمُضْطَرِّ (فَقَطْ) لِأَنَّهُ إنْقَاذٌ لِمَعْصُومٍ مِنْ الْهَلَكَةِ كَإِنْقَاذِ الْغَرِيقِ وَالْحَرِيقِ (بِقِيمَتِهِ) أَيْ: الطَّعَامِ نَصًّا لَا مَجَّانًا (وَلَوْ فِي ذِمَّةِ مُعْسِرٍ) لِوُجُودِ الضَّرُورَةِ (فَإِنْ أَبَى) رَبُّ الطَّعَامِ بَذْلَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْهُ بِقِيمَتِهِ (أَخَذُهُ) مُضْطَرٌّ (بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ ثُمَّ) إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَخْذِهِ بِالْأَسْهَلِ أَخَذَهُ مِنْهُ (قَهْرًا) لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ مَالِكِهِ لِاضْطِرَارِهِ إلَيْهِ (وَيُعْطِيهِ عِوَضَهُ) أَيْ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute