مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فَوَاتُ الْعَيْنِ وَالْبَدَلِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ مُتَقَوِّمٍ (يَوْمَ أَخْذِهِ) لِأَنَّهُ وَقْتُ تَلَفِهِ (فَإِنْ مَنَعَهُ) رَبُّ الطَّعَامِ مِنْ أَخْذِهِ بِعِوَضِهِ (فَلَهُ) أَيْ: الْمُضْطَرِّ (قِتَالُهُ عَلَيْهِ) لِكَوْنِهِ صَارَ أَحَقَّ بِهِ مِنْهُ لِاضْطِرَارِهِ إلَيْهِ وَهُوَ يَمْنَعُهُ (فَإِنْ قُتِلَ الْمُضْطَرُّ ضَمِنَهُ رَبُّ الطَّعَامِ) لِقَتْلِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ (بِخِلَافِ عَكْسِهِ) بِأَنْ قُتِلَ رَبُّ الطَّعَامِ فَلَا يَضْمَنُهُ الْمُضْطَرُّ أَشْبَهَ الصَّائِلَ (وَإِنْ مَنَعَهُ) أَيْ: الطَّعَامَ مِنْ الْمُضْطَرِّ رَبُّهُ (إلَّا بِمَا فَوْقَ الْقِيمَةِ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ بِذَلِكَ) الَّذِي طَلَبَهُ لِاضْطِرَارِهِ إلَيْهِ (كَرَاهَةَ أَنْ يَجْرِيَ بَيْنَهُمَا دَمٌ أَوْ عَجْزًا عَنْ قِتَالِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ: الْمُضْطَرَّ (إلَّا الْقِيمَةُ) لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ بِالْبَدَلِ وَالزَّائِدِ أُكْرِهَ عَلَى الْتِزَامِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ فَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ رَجَعَ بِهِ
(وَكَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْذُ الْمَاءِ مِنْ الْعَطْشَانِ وَ) كَانَ (عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَقِيَهُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ وَ) كَانَ (لَهُ طَلَبُ ذَلِكَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: ٦]
وَمَتَى وَجَدَ مُضْطَرٌّ مَنْ يُطْعِمُهُ وَيَسْقِيه لَمْ يُبَحْ لَهُ الِامْتِنَاعُ وَلَا الْعُدُولُ إلَى الْمَيْتَةِ إلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ يُسَمَّ فِيهِ أَوْ كَانَ الطَّعَامُ مِمَّا يَضُرُّ أَكْلُهُ
وَإِذَا اشْتَدَّتْ الْمَخْمَصَةُ فِي سَنَةِ مَجَاعَةٍ وَعِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ قَدْرُ كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ عِيَالِهِ فَقَطْ لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُ شَيْءٍ مِنْهُ لِلْمُضْطَرِّينَ وَلَيْسَ لَهُمْ أَخْذُهُ مِنْهُ كَرْهًا لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى وُقُوعِ الضَّرُورَةِ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَنْدَفِعَ عَنْ الْمُضْطَرِّينَ وَكَذَا إنْ كَانَ فِي سَفَرٍ وَمَعَهُ قَدْرُ كِفَايَتِهِ فَقَطْ كَمَا لَوْ أَمْكَنَهُ إنْجَاءُ غَرِيقٍ بِتَغْرِيقِ نَفْسِهِ
(وَمَنْ اُضْطُرَّ إلَى نَفْعِ مَالِ الْغَيْرِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ) أَيْ: الْمَالِ كَثِيَابٍ لِدَفْعِ بَرْدٍ وَمَقْدَحَةِ وَنَحْوِهَا وَدَلْوٍ وَحَبْلٍ لِاسْتَقَاءَ مَاءٍ (وَجَبَ) عَلَى رَبِّ الْمَالِ (بَذْلُهُ) لِمَنْ اُضْطُرَّ لِنَفْعِهِ (مَجَّانًا) بِلَا عِوَضٍ لِأَنَّهُ تَعَالَى ذَمَّ عَلَى مَنْعِهِ بِقَوْلِهِ {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: ٧] وَمَا لَا يَجِبُ بَذْلُهُ لَا يُذَمُّ عَلَى مَنْعِهِ وَمَا وَجَبَ فِعْلُهُ لَا يَقِفُ عَلَى بَذْلِ الْعِوَضِ بِخِلَافِ الْأَعْيَانِ فَلِرَبِّهَا مَنْعُهَا بِدُونِ عِوَضٍ وَلَا يُذَمُّ عَلَى ذَلِكَ وَمَحَلُّ وُجُوبِ بَذْلِ نَحْوِ مَاعُونٍ (مَعَ عَدَمِ حَاجَتِهِ) أَيْ: رَبِّهِ (إلَيْهِ) فَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ لِتَمَيُّزِهِ بِالْمِلْكِ
(وَمَنْ لَمْ يَجِدْ) مِنْ مُضْطَرِّينَ (إلَّا آدَمِيًّا مُبَاحَ الدَّمِ كَحَرْبِيٍّ وَزَانٍ مُحْصَنٍ) وَمُرْتَدٍّ (فَلَهُ قَتْلُهُ وَأَكْلُهُ) لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ فِي نَفْسِهِ أَشْبَهَ السِّبَاعَ وَكَذَا إنْ وَجَدَهُ مَيْتًا
وَ (لَا) يَجُوزُ لِلْمُضْطَرِّ (أَكْلُ مَعْصُومٍ مَيِّتٍ) وَلَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ كَالْحَيِّ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْحُرْمَةِ لِحَدِيثِ «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِ عَظْمِ الْحَيِّ» وَسَوَاءٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute